تنصرف إليه؛ رحمة
بها وبه، وكذلك يراعي أحوال ذوي الحاجات.
لما صلى معاذ رضي
الله عنه بأصحابه، وقرأ فيهم سورة البقرة، أقبل رجل ومعه نواضحه، يعني: الإبل التي
يسقي عليها، فتركها، ودخل في الصلاة، فلما قرأ معاذ رضي الله عنه بالبقرة، الرجل
نوي الانفراد، وأكمل الصلاة لنفسه، ثم ذهب إلى نواضحه؛ خشية أن تضيع، ثم ذكر هذا الرجل
فعل معاذ رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم، فاستدعاه، وقال: «يَا
مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ أَفَاتِنٌ ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ
بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى»([1])، يعني: أوساط السور،
أرشد إلى أوساط السور، فأنكر على معاذ رضي الله عنه فعله، وأيد الصحابي رضي الله
عنه الذي نوى الانفراد، وذهب إلى نواضحه؛ لأنه صاحب حاجة تفوت، لو ترك نواضحه
والإمام يقرأ سورة البقرة إلى أين تذهب الإبل؟ تذهب، تضيع أو تؤخذ، فتراعي أحوال
الناس.
والذي يصلي بالناس
في مساجد الأسواق يراعيهم - أيضًا -؛ لئلا يحصل عليهم ضرر في بضائعهم، يراعي
الناس، وكذلك الذي يصلي معه نساء ذوات أطفال يراعيهن، الذي يصلي معه مرضى يراعيهم،
الذي معه كبار سن يراعيهم.
قوله رحمه الله: «وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إطَالَتَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ»»، فدل: على أنه إذا كان مع
([1])أخرجه: البخاري (705)، ومسلم (465).