فَجَاءَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ»».
فَأَشَارَ إلَى مَكَان فِي الْبَيْتِ فَصَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم([1]).
رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ .
******
وفيه: التبرك بالمكان الذي صلى فيه
الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قصد هذا، قصد أن
يصلي في هذا المكان، فهذا المكان يتبرك به من بعده صلى الله عليه وسلم، وهذا من
خصائصه، التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
وأما إذا صلى في
مكان صادف أنه أدركته الصلاة، فصلى فيه من غير قصده وتخصيصه، فهذا لا يتبرك به،
ولا يصلى به؛ مثل: أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في الأسفار إذا أدركته
الصلاة في أماكن كثيرة، ولم يعرف أن الصحابة رضي الله عنهم يتتبعون الأماكن التي
صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، إلا ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه لشدة حبه
للمتابعة كان يتحرى الأمكنة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي فيها،
هذا من شدة حبه لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، لا من أجل التبرك فيما يظنه
بعض الناس، إنما فعله ابن عمر رضي الله عنهما من أجل شدة محبته لمتابعة الرسول صلى
الله عليه وسلم، ولم يوافقه عليه الصحابة رضي الله عنهم، هو اجتهاد منه وحب منه
للخير.
لما أذن الله للمسلمين بالهجرة إلى المدينة، أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم، فهاجروا قبله، وقدموا المدينة قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إنه لحق بهم صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر صاحبه رضي الله عنه؛ ﴿إِذۡ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحۡزَنۡ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَاۖ﴾ [التوبة: 40]، هذا لما اختفى في غار ثور؛ من أجل