وَعَنْ
أَنَسٍ رضي الله عنه: «أَنَّ جَدَّتَهُ
مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِطَعَامٍ
صَنَعَتْهُ ، فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ:
قُومُوا فَلَأُصَلِّ لَكُمْ ،
******
هذا الحديث فيه
فوائد عظيمة: «أَنَّ جَدَّتَهُ»: الضمير يرجع للراوي، وليس لأنس رضي الله عنه،
يرجع للراوي عن أنس رضي الله عنه، أن جدته مليكة. وقيل: الضمير يرجع إلى أنس بن
مالك رضي الله عنه، فتكون جدته لأمه.
«دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ»، دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتها، فأجابها
صلى الله عليه وسلم، هذا فيه: إجابة الدعوة، وفيه: حسن خلق النبي صلى الله عليه
وسلم؛ أنه يجيب الدعوة حتى المرأة إذا دعته، فإنه يجيبها.
دعته إلى ماذا؟ دعته إلى طعام صنعته له صلى الله
عليه وسلم؛ ضيافة، تكريمًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وطلبًا للبركة والأجر
بحضوره صلى الله عليه وسلم في البيت.
فلما أكل، قال: «قُومُوا فَلَأُصَلِّ
لَكُمْ»، يعني: صلاة نافلة، يصلي في بيتهم؛ لينال البيت وأهل البيت من بركة
صلاته صلى الله عليه وسلم.
فهذا فيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قصد الصلاة في مكان، فإن هذا المكان يتخذ مصلى من بعده صلى الله عليه وسلم، وأما إذا صلى في مكان مصادفة بدون قصد، فهذا لا يتخذ مصلى فيما بعد، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يتابعون الأمكنة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره؛ لأنه لم يصلِّ في هذا المكان قاصدًا له، وإنما أدركته الصلاة، فصلى فيه. إلا ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه من شدة تحريه لمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتتبع الأمكنة التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره، فيصلي فيها، لا من باب التبرك بها، إنما من باب المتابعة للرسول الله صلى الله عليه وسلم.