×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

فَلاَ تنقذهم هَذِهِ الأَشْيَاء إِذا وقعوا فِي لُجة البَحْر وأَشرَفوا عَلَى الغَرَق والهلاك، وهم يَعلَمون أنه لا ينجيهم من هَذَا إلاَّ الله، فيدعونه ويُخلِصون لَهُ الدُّعَاء فِي هَذِهِ الحَالَة، فينجيهم الله سبحانه وتعالى؛ لأنه غفور رحيم رؤوف بالعباد يجيب دعوة المُضْطَرِّ.

قَوْله: «ولا يدعونه بِغَيْر أسمائه الحُسْنَى»؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ [الأَعْرَاف: 180]، وَهَذَا من أسباب الإِجَابَة، وَهُوَ يُتَوسل إِلَيْهِ بأسمائه الحُسْنَى؛ تقول: يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا رازق ارزقني... وَهَكَذَا؛ فَلاَ يُدعى الله عز وجل إلاَّ بأسمائه، فَلاَ يُدعى بفلان الولي الفلاني والشجرة الفلانية والقبر الفلاني، فَلاَ يُتوَسَّل إِلَيْهِ إلاَّ بأسمائه، وبالأعمال الصَّالِحَة.

قَوْله: «ولا يتوصلون إِلَيْهِ بالشفاء»، كما يفْعَل المُشْرِكُونَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا [يُونُس: 18]، وَقَالَ: ﴿أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمُر: 3]، فَهَذِهِ حُجَّتُهم؛ يَقُولُونَ: نَعلم أَنَّهُم لا يَخلقون ولا يَرزقون ولا يُدبِّرون شَيْئًا من الكون، وَلَكِنَّهُم رِجَال صالحون، وَنَحْنُ نريد مِنْهُمْ أن يُقرِّبونا إِلَى الله؛ مثلما يَحصل عِنْدَ ملوك الدُّنْيَا حينما يُتوسَّل إِلَيْهِمْ بوزرائهم لقضاء حوائج المحتاجين، يَقِيسُون الله عَلَى خَلقِه! تَعَالَى الله عَن ذَلِكَ علوًّا كَبِيرًا.

وَقَوْله تَعَالَى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البَقَرَة: 255]، هَذَا استفهام للنفي! فَلاَ أَحَدَ يَشفَع عِنْدَ الله إلاَّ بِإِذْنِهِ، فالشفاعة لله؛


الشرح