أَمَّا تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة فَالنَّاس
مُقِرُّون به، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قاتَلَ المشركين وهم يُقِرُّون
بتوحيد الرُّبُوبِيَّة؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ
لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ﴾
[لُقْمَان: 25]، ﴿وَلَئِن
سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ﴾ [الزُّخْرُف: 87]، ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ
أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ
وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ
فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾
[يُونُس: 31] لَكِنَّهُ قاتَلَهم لِجَحدِهم تَوْحِيد العِبَادَة وَهُوَ تَوْحِيد
الألوهية.
لَكِن
عُلَمَاء الكَلاَم ومن يَسِير عَلَى نهجهم الآنَ يَقُولُونَ: الرُّسُل يَدْعُون
إِلَى تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة، يَرُدُّون عَلَى الملاحدة، وأنتم كَذَلِكَ رُدُّوا
عَلَى الملاحدة الَّذِينَ يَجحَدون الرَّبَّ! أَمَّا تَوْحِيد الألوهية فَهَذَا لا
تَذكُرُونه ولا تَتَعَرَّضُون لَهُ، لا تُفرِّقوا بَين النَّاس؟ اتْرُكُوا كُلًّا
عَلَى ما هُوَ عَلَيْهِ!
وَهَذَا الكَلاَم غِشٌّ لِلأُمَّةِ، وغِشٌّ لِلْمُسْلِمِينَ، وغِشٌّ للإنسانية، وهم يُدندِنون به؛ وَلِذَلِكَ لا تجدهم يَهتمون بتوحيد الألوهية، تَجِدُ كُتُبَهم ومحاضراتهم وَجَمِيع جهودهم كلها فِي الرَّدّ عَلَى الملاحدة، ومطالَبَتهم إياهم أن يُقِرُّوا بِأَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق الرَّازِق المحيي المميت المدبِّر! كل عَقَائِد عُلَمَاء الكَلاَم عَلَى هَذَا الأساس، وكُتُبُهم مَوْجُودَة، وَلَيْسَ فِيهَا ذِكر لتوحيد الألوهية وَإِنَّمَا هِيَ تُركِّز عَلَى تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة، وَهِيَ شَيْء قَد أَقَرَّ به كل الخَلْقِ، حَتَّى إِبْلِيس قَالَ: ﴿رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي﴾ [الحجر: 39]، وَقَالَ: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾ [ص: 82]، حَلَفَ بعزة الله، فإبليس مُقِرٌّ