×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

وَهَذَا الأَصْل لا مِريَة فِيمَا تَضَمَّنَه، ولا شكَّ فيه، وأنه لا يتم إِيمَان أَحَد حَتَّى يَعلَمَه ويُحقِّقَه.

****

قَوْله: «والنفي لما يُعبد من دونه والبراءة مِنْهُ»، لا تكفي عبَادَة الله بدون البَرَاءَة من عبَادَة ما سواه، فَلاَ يكفي أن لا يَعبُد الإِنْسَانُ إلاَّ اللهَ، وَمَعَ ذَلِكَ لا يتبرأ مِمَّا يُعبد سواه، وَكَذَا لا يَتبرأ من المشركين، فَهَذَا لا يكفي؛ إِنَّمَا لاَ بُدَّ أن يَتبرأ من المشركين ومما يَعبُدون من دون الله، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النَّحْل: 36]، وَقَالَ: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النِّسَاء: 36].

فـ «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لها ركنان: النَّفْي والإثبات، النَّفْي لجميع ما يُعبد من دون الله، والإثبات لِعبَادَة الله وأنه لا شريك لَهُ.

قَوْله: «والبراءة مِنْهُ»؛ أي: البَرَاءَة من كل ما يُعبد من دون الله، فَلاَ تَقُلْ: اتْرُك النَّاس عَلَى ما هُم عَلَيْهِ، كُلٌّ لَهُ دِينُه، وكُلٌّ لَهُ قَنَاعَتُه! فَهَذَا إِلْحَاد وكُفر - وَالعِيَاذُ بالله -، وَهَذَا يخالِف دعوة الرُّسُل، ويَجعل الرُّسُل مخطئين؛ حَيْثُ إِنَّهُم يَتعرَّضون لِعَقَائِد النَّاس ويَأمرونهم بإفراد الله بِالعِبَادَةِ، وأول ما يبدأون بالتوحيد!

قَوْله: «وَهَذَا الأَصْل لا مِرية فِيمَا تَضَمَّنَه، ولا شكَّ فيه»، فَهَذَا أصلٌ عَظِيم إِذا فَهِمْتَهُ.

قَوْله: «وأنه لا يتم إِيمَان أَحَد حَتَّى يَعلَمَه ويُحقِّقَه»؛ لأنه إِذَا لَمْ يَعلَمْه وَقَعَ فِيمَا يُخالِفه، فمَن جَهِلَ الشَّيْءَ فإنه يَقَع فيه، وَكَمَا يُقَال:

تَعَلَّمْتُ الشَّرَّ لا للشر وَلَكِن لِتَوَقِّيهِ **** ومَن لا يَعرِف الشَّرَّ مِن الخَيْر يَقَع فيه


الشرح