×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

وَمَعْنَاهَا: هُوَ إفراد الله بالإلهية وَالعِبَادَة، والنفي لِمَا ما يُعبد من دونه والبراءة مِنْهُ.

****

 يَقُولُونَ مَعْنى «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ أي: لا رَبَّ إلاَّ اللهُ، وَهَذَا كُلٌّ يَقُولُهُ، حَتَّى المُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لاَ رَبَّ إلاَّ اللهُ.

قَوْله: «فَإِنَّمَا دَعَت الرُّسُلُ أُمَمَها إِلَى قَوْل هَذِهِ الكَلِمَة وَاعْتِقَاد مَعْنَاهَا، لا مُجَرَّد قَوْلهَا باللسان»، لَيْسَ قَوْلهَا باللسان فَقَط هُوَ المطلوب، بل يَجِب اعْتِقَاد مَعْنَاهَا وَالعَمَل بمقتضاها، لاَ بُدَّ من التلفظ بها، وَاعْتِقَاد مَعْنَاهَا بالقلب وَالعَمَل بها، وَأَمَّا مُجَرَّد اللَّفْظ فَلاَ ينفع، فمن اعتقد أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وَلَكِن أَبَى أن يَنطق بها؛ فَهَذَا لَيْسَ بمسلم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» ([1])، فَلاَ بُدَّ أن يَنطق بها. هَذَا أولاً.

وثانيًا: لاَ بُدَّ أن يعتقد مَعْنَاهَا وإلا يَكُون منافقًا، فالمنافقون يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، وهم فِي الدَّرك الأَسْفَل من النَّار؛ لأَِنَّهُم لا يعتقدون مَعْنَاهَا.

وثالثًا: لاَ بُدَّ من العَمَل بمقتضاها؛ فبَعْدَ النطق وَالاِعْتِقَاد لاَ بُدَّ من العَمَل بمقتضاها، وَهُوَ إفراد الله جل وعلا بِالعِبَادَةِ وتَرْكُ عبَادَة ما سواه، فليست «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مُجَرَّد لفظ يُقَال باللسان.

قَوْله: «وَمَعْنَاهَا: هُوَ إفراد الله بالإلهية وَالعِبَادَة»، هَذَا مَعْنَاهَا، وَلَيْسَ المَعْنى إفراد الله بالربوبية كما يقوله عُلَمَاء الكَلاَم ومن سار عَلَى نهجهم حَيْثُ يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» يَعْنِي: لا قَادِر عَلَى الاختراع إلاَّ الله، وَهَذَا تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).