×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

الدَّعْوَة؟ هَذِهِ مداهَنة فِي العَقِيدَة، وهذه تَضر ولاَ تَنفَع، ولو أن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَبَدَ رَبَّهُ بِمَكَّةَ، وَأَسْلَمَ مَعَهُ مَن أَسْلَمَ وعَبَدُوا الله، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لآلهة المشركين لَمَا تَعرَّضوا لَهُ، وهُم ما تَعرَّضوا لَهُ ولا آذَوْه وضَايَقُوه إلاَّ لَمَّا تَعَرَّض لِإِنْكَار آلهتهم، وإلا لو سَكَتَ عَنْهُم، وَقَالَ: نَحْنُ كلنا مواطنون ولا أَحَد يَقُول لأحدٍ شَيْئًا، ما تَعَرَّضوا له ولا أَضَرُّوهُ أَبَدًا، وَلَكِن لَيْسَت هَذِهِ الدَّعْوَة إِلَى اللهِ عز وجل، بل لاَ بُدَّ أن يُبَيِّنَ الإِنْسَانُ حَقِيقَة التَّوْحِيد، ويَنهى عَن الشِّرْك ويُصِرَّ بِهَذَا.

وَقَوْله تَعَالَى: ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [المَائِدَة: 23]، وَكَمَا قَالَ موسى عليه السلام: ﴿ياقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ [يُونُس: 84]؛ أي: فَوِّضوا أموركم إِلَيْهِ ولا تُفوِّضوها إِلَى القبور والأصنام وإلى المعبودات والأشجار والأحجار، بل إِلَى الله وحده وَعَلَيْهِ توكَّلوا، ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ أَمَّا من يَقُول: أنا مؤمن، ولا يَتوكل عَلَى الله، وَإِنَّمَا يَتوكل عَلَى غَيره؛ فَهَذَا لَيْسَ بمؤمن.

لِمَاذَا قَدَّمَ ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ عَلَى قَوْله: ﴿فَتَوَكَّلُوٓاْ مَعَ أن ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ: ﴿فَتَوَكَّلُوٓاْ فَهُوَ معمول لَهُ قَدَّمَ المَعْمُولَ - وَهُوَ الجَار والمجرور - عَلَى العَامِل لأجل إفادة الحَصْر، ﴿وَعَلَى ٱللَّهِ لا عَلَى غَيره، ﴿فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ.

قَالَ موسى عليه السلام: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡأَرۡضَ ٱلۡمُقَدَّسَةَ ٱلَّتِي كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡ وَلَا تَرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَارِكُمۡ فَتَنقَلِبُواْ خَٰسِرِينَ ٢١قَالُواْ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ ٢٢ [المَائِدَة: 21، 22]؛


الشرح