وَالنَّاس يَوْم القِيَامَة يستغيثون بأحياء
يقدرون عَلَى إغاثتهم بِدُعَاء الله، وهم لا يطلبون مِنْهُمْ أن يخلصوهم من
المَوْقِف، أو من الكرب الَّذِي هُم واقعون فيه، وَلَكِنَّهُم يستغيثون بهم ليدعوا
الله أن يخلصهم مِنْهُ، وكلهم يعتذر من هَوْل المَوْقِف إلاَّ نَبِيّنَا مُحَمَّد
صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا هُوَ المقام المحمود، الَّذِي يحمده عَلَيْهِ
الأَوَّلُونَ والآخرون، الَّذِي قَالَ الله فيه: ﴿عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا﴾ [الإِسْرَاء: 79]، فيقول: «أَنَا لَهَا»، «ثُمَّ
أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا»؛ أي: يخرُّ سَاجِدًا بَين يدي الله، ويحمده ويحمده
ويدعوه، ويستمر عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يُقَال لَهُ: «يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ: يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ
تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» ([1])،
فيدعو الله أن يخلص النَّاس من المحشر، وأن يحاسبهم، فَيَسْتَجِيب الله لَهُ
ذَلِكَ.
وَالدُّعَاء
مطلوب، إمَّا من المكروب نفسه، أو أن يَدْعُو لَهُ أَخُوهُ أن
يخلصه الله مِمَّا وقع فيه، فَلَيْسَ هَذَا من الاستغاثة بالقبور فِي شَيْء،
وَلَكِنَّهُم يلبسون عَلَى النَّاس، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخ: «قلتُ: هَذَا تلبيس، فإنَّ الاستغاثة
بالمخلوقين الأَحْيَاء فِيمَا يقدرون عَلَيْهِ لا يُنكِرها أَحَد»، بينما أنتم
تستغيثون بالأموات.
·
فالاستغاثة
بالمخلوقين الأَحْيَاء فِيمَا يقدرون عَلَيْهِ تجوز بشرطين:
الشَّرْط
الأَوَّل: أن يَكُون حَيًّا حَاضِرًا.
الشَّرْط الثَّانِي: أن يَكُون قَادِرًا عَلَى ما يُطلب مِنْهُ.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (193).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد