×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

 ولا يُرى؛ ﴿إِنَّهُۥ يَرَىٰكُمۡ هُوَ وَقَبِيلُهُۥ مِنۡ حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ [الأَعْرَاف: 27]، وَهُوَ يقدر عَلَى أَشْيَاء لا يقدر عَلَيْهَا الإِنْس، هُوَ الذَّبّ يقود هَؤُلاَءِ بِاسْم المَيِّت أو بِاسْم الولي، وهذه الشُّبْهَة أخطر ما عِنْدَهُم.

قَوْله: «وَالإِخْبَار بِبَعْض ما يكتمه الإِنْسَان»؛ تخبرهم الشَّيَاطِين بما فِي نفوسهم؛ لِهَذَا لما أرْسل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَالِد بْن الوليد بعدما فتح مَكَّة لهدم العُزَّى، وَهِيَ صنم لِقُرَيْش، وَأرْسل أبا سُفْيَان وَالمُغيرَة بْن شعبة إِلَى هدم اللات فِي الطَّائِف، وَأرْسل عَلِيّ بْن أبي طالب لهدم مناة، فَلَمَّا جَاءَ خَالِد بْن الوليد إِلَى العُزَّى وجد عِنْدَهَا امرأة عجوز ناشرة شعرها وَهِيَ شيطان، فعلاها بالسيف وفلقها إِلَى نِصْفَيْنِ، وهدم العُزَّى، فَدَلَّ عَلَى أن الشَّيَاطِين تحضر عِنْدَ هَذِهِ الأَصْنَام، أو هَذِهِ الأضرحة، ولما أخْبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بما فَعَلْ بها، قَالَ: «تِلْكَ الْعُزَّى» ([1])؛ يَعْنِي: شيطان يَكُون عِنْدَ هَذَا الصَّنَم، «وَ قَدْ َيئِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبِلاَدِكُمْ أَبَدًا» ([2]).

قَوْله: «فإن كَانَ هَذَا دَلِيلاً عَلَى حقيَّة القبور وصحة الاِعْتِقَاد فِيهَا؛ فليكن دَلِيلاً عَلَى حقيَّة الأَصْنَام، وَهَذَا هدٌم للإسلام وتشييدٌ لأركان الأَصْنَام»؛ أي: هَذَا كَانَ يحصل عِنْدَ الأَصْنَام، فَإِذَا كَانَ هَذَا دَلِيلاً عَلَى صِحَّة عبَادَة القبور، فليكن دَلِيلاً عَلَى صِحَّة عبَادَة الأَصْنَام.

قَوْله: «وَهَذَا هدٌم للإسلام»؛ أن الإِسْلاَم قام عَلَى التَّوْحِيد وَعبَادَة الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، فَإِذَا عُبد غير الله انهدم الإِسْلاَم.


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (11547)، وأبو يعلى رقم (902).

([2])  أخرجه: ابن سعد في «الطبقات» (2/ 146).