فإِنَّ
اللهَ تَعَالَى قَد أَذِنَ لَهُ أن يُجْلب بخيله ورجله عَلَى بني آدَم وأن يشاركهم
فِي الأَمْوَال والأولاد.
وثبت فِي
الأَحَادِيث: أنَّ الشَّيْطَان يسترق السَّمْع بِالأَمْرِ الَّذِي يُحدثه الله،
****
قَوْله:
«وَقَد مكَّن الله إِبْلِيس من الدُّخُول
فِي الأَبْدَان والوسوسة فِي الصُّدُور والتقام القلب بخرطومه»؛ فإبليس
أَعْطَاهُ الله من القُدْرَة أنه يطير فِي الهَوَاء، وأنه يلاطف الإِنْسَان ويدخل
فيه، ويتكلم عَلَى لِسَانه، ويدخل فِي الأَصْنَام وفي القبور، وَهُوَ لا يُرى
وَلَكِنَّهُ يتكلم، كما قَالَ الشَّيْخ: «وَكَذَلِكَ
يدخل أَجْوَاف الأَصْنَام ويُلقي الكَلاَم فِي أسماع الأقوام»؛ إِذا كَانَ
يدخل فِي أَجْوَاف بني آدَم ويوسوس لَهُم، فَكَيْفَ لا يدخل فِي أَجْوَاف
الأَصْنَام، وغرف الأضرحة؟
قَوْله:
«فإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَد أَذِنَ لَهُ
أن يُجْلب بخيله ورجله عَلَى بني آدَم وأن يشاركهم فِي الأَمْوَال والأولاد»؛
أَذِنَ لَهُ إِذْنًا قدريًّا وَلَيْسَ إِذْنًا شَرْعِيًّا حَيْثُ قَالَ تَعَالَى
لَهُ: ﴿قَالَ ٱذۡهَبۡ
فَمَن تَبِعَكَ مِنۡهُمۡ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمۡ جَزَآءٗ مَّوۡفُورٗا ٦٣وَٱسۡتَفۡزِزۡ
مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ وَأَجۡلِبۡ عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ
فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ
إِلَّا غُرُورًا ٦٤﴾، قَالُوا:
صوته الغِنَاء، ﴿وَأَجۡلِبۡ
عَلَيۡهِم بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِ
وَعِدۡهُمۡۚ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا ا﴾ [الإِسْرَاء: 63- 64]، ثُمَّ قَالَ جل وعلا: ﴿إِنَّ عِبَادِي
لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٞۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلٗا﴾ [الإِسْرَاء: 65]، أن يقترب مِنْهُمْ ولا أن يجتمع
معهم؛ وَلِهَذَا كَانَ عمر رضي الله عنه إِذا مشى فِي طَرِيق لا يَمْشِي مَعَهُ
الشَّيْطَان فيه، ولا يلاقي عمر فِي هَذَا