بل أعجبُ من هَذَا ما أخرجه: الحَافِظ البيهقي
بِإِسْنَادِهِ فِي قِصَّة طويلة ([1])، وَفِيهَا: أنَّ
امرأةً تعلَّمت السّحر مِن الملكيْن ببابل: هَارُوت وماروت، وأنَّها آخَذت
قَمْحًا، فَقَالَت لَهُ بَعْدَ أَن ألقته: اطلع، فطلع، فَقَالَت: أَحْقِل، فأحقل،
ثُمَّ تركته، ثُمَّ قَالَت: أيبَس، فيبس، ثُمَّ قَالَت لَهُ: اطحن، فأطحن، ثُمَّ
قَالَت لَهُ: اختبز فاختبز، وكانت لا تريد شَيْئًا إلاَّ كَانَ.
والأحوال
الشيطانيةُ لا تنحصر، وَكَفَى بما يأتي به الدَّجَّال،
****
قَوْله:
«أنَّ امرأةً تعلَّمت السّحر مِن الملكيْن
ببابل: هَارُوت وماروت»؛ هَذَا فِيمَا سبق.
قَوْله:
«اطحن، فأطحن»؛ يَعْنِي: تأمره فيمتثل
أمرها.
قَوْله: «وَكَفَى بما يأتي به الدَّجَّال»؛ أي: فِي آخر الزَّمَان؛ فإنه أعظم المشعوذين وأعظم الكذابين؛ يأتي بِأَشْيَاءَ غريبة، فيأمر السَّمَاء فتمطر، ويأمر الأَرْض فتنبت، ويأمر الأَرْض فتخرج الكنوز الَّتِي فِيهَا، ويقتل الرَّجُل ثُمَّ يأمره فيعود حَيًّا، هَذِهِ كلها يجريها الله عَلَى يَدَيْهِ لأجل شدة الفتنة، وَلِهَذَا فتنة الدَّجَّال هِيَ أشد الفتن؛ وَقَد قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلاَّ قَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ» ([2])، فَكَانَ أشدُّ الأَنْبِيَاء تحذيرًا من فتنة الدَّجَّال نَبِيّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم؛ وَلِهَذَا أمرنا أن نستعيذ من فتنته فِي كل صلاة فِي التَّشَهُّد الأَخِير: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ
([1]) أخرجه: البيهقي رقم (16282).
الصفحة 3 / 231
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد