والقسم الثَّانِي: تَوْحِيد العِبَادَة، وَمَعْنَاه:
إفراد الله وحده بجميع أنواع العِبَادَات الآتي بيانها، فَهَذَا هُوَ الَّذِي
جَعَلوا لله فيه شركاء، ولفظ الشَّرِيك يُشعِر بالإقرار بالله تَعَالَى.
فالرسل بُعِثوا
لتقرير الأَوَّل وَدُعَاء المشركين إِلَى الثَّانِي،
****
الشَّفَاعَة والتقريب لَهُم عِنْدَ الله عز وجل،
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ﴾
هَذَا باعترافهم، و ﴿وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾
[يُونُس: 18]، وَقَالُوا: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ
زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزُّمُر: 3]؛ أي لا
نعبدهم لأَِنَّهُم يَرزقون ويَخلقون ويُدبِّرون وَلَكِن لِيُقرِّبونا إِلَى الله
ونَتوَسَّل بهم إِلَيْهِ.
قَوْله:
«إفراد الله وحده بجميع أنواع العِبَادَات»؛
لأن العِبَادَات أنواع كَثِيرَة كما سيأتي، فَلاَ يُفرِده فِي نوعٍ دون نوع.
قَوْله:
«فَهَذَا هُوَ الَّذِي جَعَلوا لله فيه
شركاء»؛ أي: تَوْحِيد الألوهية، فعَبَدُوا الأَصْنَام والأحجار والأشجار
والملائكة وَالأَنْبِيَاء والصالحين، جَعَلُوهم شركاء لله فِي العِبَادَة.
قَوْله: «ولفظ الشَّرِيك يُشعِر بالإقرار بالله تَعَالَى» فالمشركون يُقِرُّون بالله عز وجل، وَلَكِن يُشرِكون مَعَهُ فِي العِبَادَة غَيرَه، يُقِرُّون بتوحيد الرُّبُوبِيَّة ويُشرِكون فِي تَوْحِيد الألوهية. أَمَّا الملاحدة - وهم قِلَّةٌ - فهم يَجحَدُون الرَّبّ سبحانه وتعالى، ويقولون: الحَوَادِث نتيجة للطبيعة، فَلَيْسَ هُنَاك رب يَخلق ويُدبِّر؛ وَهَذَا الكَلاَم لا يقوله عاقلٌ أَبَدًا، وَإِنَّمَا يتظاهر به بَعْض المكابرين والمستكبرين مِثْل فرعون والنمرود.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد