×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

مِثْل قَوْلهم فِي خِطاب المشركين: ﴿أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ [إِبْرَاهِيم: 10]، ﴿هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ [فَاطِر: 3]، وتنهاهم عَن شرك العِبَادَة؛ ولذا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النَّحْل: 36]؛ أي: قائلين لأُِمَمِهم: ﴿أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ [النَّحْل: 36]، فأفاد بِقَوْلِهِ: ﴿فِي كُلِّ أُمَّةٖ أن جَمِيع الأُمَم لم تُرسَل إِلَيْهِمْ الرُّسُل وَلَمْ تُبعَث إِلَيْهِمْ إلاَّ لِطَلَبِ تَوْحِيد العِبَادَة، لا لِلتَّعرُّف بِأَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق لِلْعَالَمِ، وأنه رَبُّ السَّمَوَات وَالأَرْض، فإنهم مُقِرُّون بِهَذَا.

****

قَوْله: «فالرسل بُعِثُوا لتقرير الأَوَّل» الَّذِي هُوَ تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة الموجودة عِنْدَ كل النَّاس، وَالغَرَض من تقريره الاِسْتِدْلاَل به عَلَى تَوْحِيد الألوهية، فتوحيد الرُّبُوبِيَّة دَلِيل عَلَى تَوْحِيد الألوهية؛ فَإِذَا كَانَ لا يَخلق ولا يدبِّر ولا يَرزق إلاَّ الله؛ فإنه يَجِب أن لا يُعبد إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فَكَيْفَ يُعبَد مَنْ لا يَخلق ولا يَرزق ولا يدبِّر شَيْئًا؟! وَلِذَلِكَ قَالُوا: تَوْحِيد الألوهية مُتضمِّن لتوحيد الرُّبُوبِيَّة، وتوحيد الرُّبُوبِيَّة مُستَلزِم لتوحيد الألوهية؛ لأن الدِّلاَلاَت ثَلاَث: دِلاَلَة مُطابَقة، وَدِلاَلَة تَضمُّن، وَدِلاَلَة التزام.

قَوْله: «مِثْل قَوْلهم فِي خِطاب المشركين: ﴿أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ [إِبْرَاهِيم: 10] قَالَت الرُّسُل فِي خِطابهم للمشركين: ﴿أَفِي ٱللَّهِ شَكّٞ [إِبْرَاهِيم: 10] وَهَذَا من بَاب النَّفْي؛ فَلاَ أَحَد يَشُك فِي الله سبحانه وتعالى؛ وَلَكِن الرُّسُل يُرِيدُونَ أن يُلزِموهم بتوحيد الألوهية.


الشرح