×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

بل اتَّخَذوهم لأَِنَّهُم يقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى، كما قالوه، فهم مُقِرُّون بالله تَعَالَى فِي نفس كَلِمَات كُفرِهم، وأنهم شفعاء عِنْدَ الله، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يُونُس: 18]،

****

قَوْله: «وبهذا تَعرف أن المشركين لم يَتَّخِذوا الأَوْثَان والأصنام وَلَمْ يَعبُدوها، وَلَمْ يَتَّخِذوا المسيحَ وأُمَّهُ، وَلَمْ يَتَّخِذوا الملائكة شركاء لله تَعَالَى، لأجل أَنَّهُم أَشرَكوهم فِي خَلْقِ السَّمَوَات وَالأَرْض، وفي خَلْقِ أنفسهم»؛ أي: لم يَتَّخِذُوهم شركاء لله فِي تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة، وَإِنَّمَا اتَّخَذُوهم شركاء لله فِي تَوْحِيد الألوهية.

قَوْله: «بل اتَّخَذُوهم لأَِنَّهُم يقرِّبونهم إِلَى الله زُلْفَى، كما قالوه»؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمُر: 3]، اعْتَرَفُوا أَنَّهُم يَعبُدونهم لَكِن لأي شَيْء؟ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، وَلَيْسَ لأَِنَّهُم يَخلقون ويَرزقون ويدبِّرون الكون، وَكَذَلِكَ حَال عُبَّاد القُبُورِ اليَوْم إِذا سَأَلْتَ أيَّ واحدٍ مِنْهُمْ يَقُول: أنا أَعلَم أَنَّهُم لا يَخلقون ولا يَرزقون وَلَكِن هَؤُلاَءِ صالحون وَأُرِيد أن يَشفعوا لي عِنْدَ الله!

قَوْله: «فهم مُقِرُّون بالله تَعَالَى فِي نفس كَلِمَات كُفرِهم»؛ مُقِرُّون بالله فِي تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة.

قَوْله: «وأنهم شفعاء عِنْدَ الله»؛ إِنَّمَا اتَّخَذُوهم لأَِنَّهُم يَعتقدون فِيهِم الشَّفَاعَة فَقَط، يَعتقدون فِيهِم الوساطة بينهم وبين الله لقضاء حوائجهم، وَكَأَنَّ اللهَ لا يَقضي حوائج عِبادِهِ إلاَّ بواسطةٍ - تَعَالَى الله عَن ذَلِكَ -.


الشرح