×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

فَكَيْفَ يُثبِتون شفعاءَ لَهُم لم يَأذن الله لَهُم فِي شفاعة، ولا هُم أهلٌ لها، ولا يُغنُون عَنْهُم من الله شَيْئًا؟!

****

 قَوْله: «لأنه لا يَشفع عِنْدَهُ أَحَد إلاَّ بِإِذْنِهِ»، وَلَيْسَ كملوك الدُّنْيَا يَشفع عِنْدَهُم الشُّفَعَاء ولَوْ لَمْ يَأذَنوا، وَقَد لا يَرضَون أَيْضًا بالشفعاء عِنْدَهُم وَلَكِن الله جل وعلا لَيْسَ بِحَاجَة إِلَى الشُّفَعَاء؛ فَهُوَ سُبْحَانَهُ يَعلم عِبَادَه وَيُرِيد أن يَرحَمَهم دون الحَاجَة إِلَى أَحَد من الشُّفَعَاء، وَإِنَّمَا بِإِخْلاَص العِبَادَة وَالدُّعَاء لله سبحانه وتعالى، والله قَرِيب مجيب، فأَخلِصوا الدُّعَاءَ لله؛ فالله جل وعلا قَالَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ [غَافِر: 60]، وَلَمْ يقل: ادعوني بواسطة فلانٍ وفلان، بل: ﴿ٱدۡعُونِيٓ مباشرةً، ﴿أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ؛ وَهُوَ يَنزِل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا كل لَيْلَة حِين يبقى ثُلُث اللَّيْل الآخر فيقول: «هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ؟» ([1]) فيستجاب لَهُ، فَلاَ حَاجَة إِلَى الوسطاء والشفعاء.

قَوْله: «فَكَيْفَ يُثبِتون شفعاءَ لَهُم لم يَأذن الله لَهُم فِي شفاعة»، الله ما أَمَرَ أن يُتَّخذ وسائط بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلقِه، والوسائط لا تأثير لها فِيمَا يُرِيده الله سبحانه وتعالى؛ فالله فعَّال لما يُرِيد، فَلاَ حَاجَة إِلَى اتخاذ الشُّفَعَاء والوسطاء الَّتِي يُزَيِّنها شَيَاطِين الجِنِّ والإنسِ؛ لأن الشَّيْطَان يحاول أن يَصرِفَك عَن عبَادَة الله أَصْلاً، فَإِذَا رأى مِنْك رَغْبَةً فِي عبَادَة الله أَدْخَلَ عَلَيْك ما يُفسِد عِبَادَتك، ويقول لك: اتَّخِذ وسائط، فأنت مُذنِب ولا تَصِلُ إِلَى الله، وتستحي من الله فَاتَّخِذ وسائط وشفعاء؛ يُرِيد أن يُفسِد عَلَيْك عِبَادَتك؛ هَذَا الَّذِي يُرِيده شَيَاطِين الجِنّ، وَشَيَاطِين الإِنْس.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (758).