وَهَذَا فرعون مَعَ غُلُوِّه فِي كُفرِهِ، ودعواه
أَقْبَحَ دَعْوَى، ونُطقِهِ بِالكَلِمَةِ الشنعاء، يَقُول الله فِي حَقّه حاكيًا
عَن موسى عليه السلام: ﴿لَقَدۡ عَلِمۡتَ مَآ
أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ﴾ [الإِسْرَاء:
102]،
****
وَقَوْله
تَعَالَى: ﴿فَأَنَّىٰ تُسۡحَرُونَ﴾ فَلاَ يَعبُد غيرَ الله إلاَّ إِنْسَانٌ مسحورٌ عَن
عَقلِه، وهم يَقُولُونَ: الَّذِي يأمر بِعبَادَة الله هَذَا هُوَ المسحور،
وَذَلِكَ لَمَّا طَلَبَ الأَنْبِيَاءُ مِنْهُمْ أن يَعبُدوا اللهَ، قَالُوا
عَنْهُم: مسحورون!، ﴿إِنْ
تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُورًا﴾
[الإِسْرَاء: 47].
قَوْله:
«وَهَذَا فرعون مَعَ غُلُوِّهِ...»
ففرعون ادعى الرُّبُوبِيَّة، وأَنكَرَ الآيَات الَّتِي جَاءَ بها موسى والمعجزات،
فأَقْسَمَ موسى عليه السلام: ﴿لَقَدۡ
عَلِمۡتَ مَآ أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ﴾؛
أي: الآيَات ﴿إِلَّا
رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ
مَثۡبُورٗا﴾ [الإِسْرَاء: 102]، وفرعون
يَقُول لموسى: ﴿إِنِّي
لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسۡحُورٗا﴾
[الإِسْرَاء: 101] وَقَوْله: ﴿لَقَدۡ عَلِمۡتَ﴾؛ أي: عَلِمْتَ فِي نفسك وقرارة قلبك، وإن أَنكَرْتَ
بلسانك، ﴿مَآ
أَنزَلَ هَٰٓؤُلَآءِ إِلَّا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي
لَأَظُنُّكَ يَٰفِرۡعَوۡنُ مَثۡبُورٗا﴾
[الإسراء: 102]؛ يَعْنِي: لا تَقبَل الحَقَّ بعد ما تَبَيَّنَ لك، وَقَالَ فِي غير
هَذَا المَوْضِع: ﴿وَجَحَدُواْ
بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ﴾
ما السَّبَب؟ ﴿ظُلۡمٗا
وَعُلُوّٗاۚ﴾ [النَّمْل: 14] هَذَا
الَّذِي حَمَلَهم عَلَى الإِنْكَار، وإلا فقلوبهم مُستَيقِنة بِهَذِهِ الأَدِلَّة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد