﴿وَأُوحِيَ
إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ﴾ [هُود: 36]، عِنْدَ ذَلِكَ دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ: ﴿وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ
لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ٢٦إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ
يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا ٢٧﴾ [نُوح: 26- 27]، لم يدع عَلَيْهِمْ إلاَّ لَمَّا قِيلَ
لَهُ: ﴿وَأُوحِيَ
إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ
بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٣٦وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ﴾
[هُود: 36-37]؛ أي: استَعِدَّ لِمَا سَيَحصُل للنجاة، فَفَعَلَ ما أَمَرَه بِهِ
رَبُّهُ سبحانه وتعالى وَدَعَا عَلَيْهِمْ.
فَهَذِهِ
سِيرَة نُوح فِي قَومِه، ودَعوَتِهم إِلَى الله، قَالَ: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوۡتُ قَوۡمِي لَيۡلٗا وَنَهَارٗا
٥فَلَمۡ يَزِدۡهُمۡ دُعَآءِيٓ إِلَّا فِرَارٗا ٦وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوۡتُهُمۡ لِتَغۡفِرَ
لَهُمۡ جَعَلُوٓاْ أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ
وَٱسۡتَكۡبَرُواْ ٱسۡتِكۡبَارٗا ٧﴾
[نُوح: 5- 7]، لا يحبون أن يَسمعوا دعوة التَّوْحِيد، والآن فينا من لا يُحِب دعوة
التَّوْحِيد ويَنهَى عَنْهُ، وَهُوَ يزعم أنه من الدعاة إِلَى الله، ويقول: لا
تُفرِّقوا النَّاسَ، اتْرُكُوا النَّاس عَلَى عَقَائِدهم! فيَنْهَون عَن التَّوْحِيد،
ويُبغِّضون من يَدْعُو إِلَى التَّوْحِيد، ويُحذِّرون مِنْهُ! فَهَذِهِ مصيبة
كَبِيرَة، فالشيطان لم يَمُت، وَإِنَّمَا يأتي كُلَّ جِيلٍ.
قَالَ
تَعَالَى: ﴿جَعَلُوٓاْ
أَصَٰبِعَهُمۡ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ وَأَصَرُّواْ وَٱسۡتَكۡبَرُواْ
ٱسۡتِكۡبَارٗا﴾ [نوح: 7]؛ كراهيةً للتوحيد
- وَالعِيَاذُ بالله -، وَمَعْنى: ﴿وَٱسۡتَغۡشَوۡاْ ثِيَابَهُمۡ﴾؛
أي: تلفعوا بها فَلاَ يُرِيدُونَ أن يروا نَبِيّ الله نوحًا عليه السلام: ﴿ثُمَّ إِنِّي
دَعَوۡتُهُمۡ جِهَارٗا ٨ثُمَّ إِنِّيٓ أَعۡلَنتُ لَهُمۡ وَأَسۡرَرۡتُ لَهُمۡ إِسۡرَارٗا
٩فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا ١٠يُرۡسِلِ ٱلسَّمَآءَ
عَلَيۡكُم مِّدۡرَارٗا ١١﴾
[نُوح: 8- 11]؛ لأَِنَّهُم كَانُوا مجدبين، منحبسًا عَنْهُم المطر، ﴿وَيُمۡدِدۡكُم بِأَمۡوَٰلٖ