وَبَنِينَ وَيَجۡعَل لَّكُمۡ جَنَّٰتٖ
وَيَجۡعَل لَّكُمۡ أَنۡهَٰرٗا ١٢مَّا لَكُمۡ لَا تَرۡجُونَ لِلَّهِ وَقَارٗا ١٣وَقَدۡ
خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا ١٤﴾
[نُوح: 12- 14]، إِلَى أن قَالَ - سُبْحَانَهُ -:
﴿وَمَكَرُواْ مَكۡرٗا كُبَّارٗا ٢٢وَقَالُواْ لَا
تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ
وَنَسۡرٗا ٢٣﴾ [نُوح: 22، 23]؛ أي: لا
تطيعوا نوحًا، ﴿وَلَا تَذَرُنَّ
وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾
[نُوح: 23] هَذِهِ أَسْمَاء الرِّجَال الصَّالِحِينَ فِي قوم نُوح؛ أي: لا
تَدَعُوا عِبَادَتهم لأجل دعوة نُوحٍ، فتَوَاصَوْا بِهَذَا.
قَالَ
تَعَالَى: ﴿مِّمَّا
خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا﴾
[نُوح: 25]، وَلَمْ يَنْجُ إلاَّ نُوحٌ ومَن آمَنَ به، حَتَّى ابنه لم يَنْجُ
حَيْثُ صَارَ مَعَ الكُفَّار، رغم أن نوحًا عليه السلام حَاوَلَ مَعَهُ قَالَ: ﴿يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب
مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾
[هُود: 42]، وَلَكِن الله جل وعلا إِنَّمَا يُعامِل العَبْدَ بِحَسَبِ عَقِيدَته
وَدِينِهِ، ولو كَانَ من أَوْلاَد الأَنْبِيَاء فَلاَ يَنفعه هَذَا، فغَرِقَ معهم
- وَالعِيَاذُ بالله -، ﴿وَحَالَ
بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ﴾
[هُود: 43] رغم أن أَبَاه حَرِصَ عَلَيْهِ بشفقة الأبُوَّة، وشفقة الدَّعْوَة.
هَذِهِ
قِصَّة نُوح مَعَ قومه كَرَّرَهَا الله فِي القُرْآن؛ لنأخذ مِنْهَا العِبْرَة
والعظة، وهذه الأَصْنَام أو هَذِهِ الصُّوَر - صُوَر الصَّالِحِينَ - لَمَّا جَاءَ
الطُّوفَان دَمَّرَها فِي الأَرْض ودَفَنَها ونُسيَت، إِلَى أن جَاءَ التنقيب عَن
الآثَار فحَفَرُوها عَلَى عَهْدِ مَلِكٍ من ملوك مَكَّةَ يُقَال لَهُ «عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ الخُزَاعِيُّ»،
كَانَ رجلاً عابدًا صالحًا ناسكًا، ثُمَّ ذَهَب إِلَى الشَّام لِيُعَالَجَ،
فوَجَدَهم يعبدون الأَصْنَام فاستَحْسَنَ ذَلِكَ - وَالعِيَاذُ بالله - وهذه خطورة
السَّفَر إِلَى بلاد المشركين، وجاء بأصنامٍ من الشَّام ووَزَّعَها