قلت: نعم. ﴿يَقُولُونَ
بِأَفۡوَٰهِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ﴾ [آلَ عِمْرَانَ:
167]، لَكِن هَذَا جهل مِنْهُمْ بِمَعْنَى الشِّرْك، فإن تَعْظِيمهم الأَوْلِيَاء
ونحرهم النحائر لَهُم شرك، والله تَعَالَى يَقُول: ﴿فَصَلِّ
لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ﴾ [الكَوْثَر: 2]؛ أي: لا لغيره، كما يفيده
تَقْدِيم الظرف، ويقول تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ
لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا﴾ [الجِنّ: 18].
****
عَلَى
عبَادَة الأَصْنَام. وقولهم: «والالتجاء
إِلَى الأَوْلِيَاء وَالاِعْتِقَاد فِيهِم لَيْسَ شركًا!» هَذِهِ مغالطة
واضحة.
قَوْله:
«لَكِن هَذَا جهل مِنْهُمْ بِمَعْنَى
الشِّرْك»؛ فالشرك: عبَادَة غير الله؛ سَوَاء كَانَ حجرًا أو شجرًا أو صنمًا
أو بشرًا أو نبيًّا أو وليًّا أو ملكًا، أو جنًّا أو إنَسًا، فالشرك هُوَ عبَادَة
غير الله، والله جل وعلا قَالَ: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النِّسَاء: 36]، وَكَلِمَة ﴿شَيۡٔٗاۖ﴾
نَكِرَة لتعم وتشمل كل ما عُبد من دون الله عز وجل، فلم يستثن شَيْئًا، والنكرة
فِي سِيَاق النَّهْي تفيد العموم، فلم يقل: اعبدوا الله ولا تعبدوا الأَصْنَام، بل
قَالَ: ﴿وَلَا
تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾
فشمل كل شَيْء. فهم صاروا لا يعرفون الشِّرْك، ويظنون أن الشِّرْك مقصور عَلَى
عبَادَة الأَصْنَام فَقَط.
قَوْله
تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَٱنۡحَر﴾ [الكَوْثَر: 2]؛ يَعْنِي:
أذْبح لَهُ، فجعل النحر قرينًا للصلاة، فكَمَا أَنَّه لا يصلي لغير الله،
فَكَذَلِكَ لا يُنحر لغير الله، وهؤلاء ينحرون لغير الله، ينحرون للموتى والقبور،
وفي الآيَة الأُخْرَى: ﴿قُلۡ
إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الأَنْعَام: 162]، والنسك هُوَ: الذَّبِيحَة، قرنها مَعَ
الصَّلاَة، فَدَلَّ عَلَى أن الذَّبْح عبَادَة لا تجوز لغير الله، فَقَوْله
تَعَالَى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَٱنۡحَر﴾؛