وَلِذَلِكَ تراهم وقت الحَجّ لا يجلسون فِي
المَسْجِد الحَرَام، وَإِنَّمَا يذهبون إِلَى غار حراء، وإلى غار ثَوْر، وإلى
المقابر، ولا يتجهون إِلَى المَسْجِد الحَرَام، الَّذِي الصَّلاَة فيه بمئة ألف
صلاة فِيمَا سواه، نسأل الله العَافِيَة.
قَوْله:
«وقصدوا قبورهم من ديارهم البَعِيدَة
لِلزِّيَارَةِ»؛ أي: سافروا إِلَيْهِمْ من ديارهم، فيأتون من بعيد مسافرين
للقبر، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقُول: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ
الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَالمَسْجِدِ الأَقْصَى»
([1])؛
لِعبَادَة الله عز وجل فِي هَذِهِ المَسَاجِد، وهؤلاء لا يذهبون إِلَى هَذِهِ
المَسَاجِد الثَّلاَثَة بل يذهبون للقبور، ويسمونها المشاهد، ويحجون الآنَ إِلَى
هَذِهِ الأَمَاكِن أَكْثَر من الَّذِينَ يتجهون إِلَى الكَعْبَة لِلْحجِّ
وَالعُمْرَة، نسأل الله العَافِيَة... ويسمون أنفسهم الحجَّاج، ويسمون سفرهم
الحَجّ؛ مضاهاة لِلْحجِّ إِلَى بَيْت الله الحَرَام، وَقَد ألَّفوا لها مناسك
تُسَمَّى مناسك حجّ المشاهد.
قَوْله: «ونحروا تقربًا إِلَيْهِمْ»؛ ينحرون النحائر ويذبحون الذَّبَائِح عِنْدَ القبور، يَتَقَرَّبُونَ إِلَى الأَمْوَات، والله جل وعلا يَقُول: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنۡحَرۡ﴾ [الكَوْثَر: 2]، و يَقُول: ﴿قُلۡ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحۡيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ١٦٢لَا شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ١٦٣﴾ [الأَنْعَام: 162، 163]؛ وهؤلاء يقرؤون القُرْآن ويحفظونه ويرتلونه لَكِن للبركة فَقَط، ولا يلتفتون إِلَى العَمَل به، وَإِنَّمَا يعملون بما يخالف القُرْآن.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1189)، ومسلم رقم (1397).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد