×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

ولما قتلوا عثمان شبَّت الفتنة فِي المُسْلِمِينَ إِلَى الآنَ وإلى أن تقوم السَّاعَة، فحصل ما حَصَلَ من الفتن والشرور، وقتلوا بعده عَلِيّ بْن أبي طالب رضي الله عنه، وأسقطوا دَوْلَة الخُلَفَاء الرَّاشِدِين، ولولا أَنَّ اللهَ تدارك المُسْلِمِينَ بِأَمِير المؤمنين مُعَاوِيَة بْن أبي سُفْيَان، وجمع الله المُسْلِمِينَ عَلَى يَده، وسدَّ الطَّرِيق عَلَى الخَوَارِج وَعَلَى أَتْبَاع ابْن سَبَأ بحسن سياسته ودهائه رضي الله عنه، وَسُمِّيَ العَام الَّذِي اجتمع فيه المُسْلِمُونَ عَلَى مُعَاوِيَة بـ «عام الجَمَاعَة»، وَهُوَ مشهور فِي التَّارِيخ.

فلطف الله بالمُسْلِمِينَ وسدَّ الطَّرِيق عَلَى الخَوَارِج، وَلَكِنَّهُم يأتون فِي كل زَمَان، ما انْقَطَعَ مددهم، وَلَكِن ولله الحَمْد كُلَّمَا ظهر مِنْهُمْ قرن قُطع، كما فِي الحَدِيث عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ» ([1])، وحث النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قتالهم، وَقَالَ: «لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ» ([2])، فتحقق ذَلِكَ عَلَى يَد أمير المؤمنين عَلِيّ بْن أبي طالب الخَلِيفَة الرَّابِع، فقاتلهم فِي «النهروان»، ونصره الله عَلَيْهِمْ وبعدها قَتَلُوه رضي الله عنه، وَصَارَت الدُّنْيَا فوضى إِلَى أن آل الأَمْر إِلَى أمير المؤمنين مُعَاوِيَة رضي الله عنه.


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (174)، وأحمد رقم (6871)، والحاكم رقم (8497).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3344)، ومسلم رقم (1064).