بل أضرب لك مثلاً آخر؛ هَذَا حرمُ الله الَّذِي
هُوَ أفضلُ بقاع الدُّنْيَا بِالاِتِّفَاقِ وَإِجْمَاع العُلَمَاء، أُحدث فيه
بَعْض ملوك الشراكسة الجَهَلَة الضَّلاَل هَذِهِ المقامات الأَرْبَعَة، الَّتِي
فرَّقت عِبَادَات العباد، واشتملت عَلَى ما لا يُحصيه إلاَّ الله عز وجل من
الفَسَاد، وفرَّقت عِبَادَات المُسْلِمِينَ، وصيَّرتهم كالمِلَلِ المختلفة فِي
الدّين، بِدْعَة قرَّت بها عينُ إِبْلِيس اللعين، وصيَّرت المُسْلِمِينَ ضحكةَ
الشَّيَاطِين، وَقَد سكتَ النَّاس عَلَيْهَا، ووفَد عُلَمَاء الآفَاق والأبدال
والأقطاب إِلَيْهَا، وشاهَدَها كلُّ ذِي عَيْنَيْنِ، وسَمِعَ بها كلُّ ذِي
أُذُنَيْنِ.
****
لأَِنَّهَا أكل للمال بِالبَاطِلِ وبغير حَقّ،
وَلَكِن سكوت العُلَمَاء عَنْهَا لا يدل عَلَى جوازها، لِلأُْمُورِ الَّتِي سبق أن
ذَكَرتهَا لكم: أَمَّا أَنَّهُم لا يُؤْخَذ بقولهم ولا يؤْبه بهم، وَأَمَّا
أَنَّهُم لَيْسَ لديهم القُوَّة ولا الشَّجَاعَة فِي هَذَا.
والمكوس
لا شك أنها مُحرمَة، وَلَكِنَّهَا دون الشِّرْك، والسكوت عَنْهَا أخف من السُّكُوت
عَن الشِّرْك. وَلَكِن يضرب مثلاً لكون السُّكُوت حجة أو لَيْسَ بحجة.
قَوْله:
«المعلوم مِن ضَرُورَة الدّين تَحْرِيمهَا»؛
لأَِنَّهَا أكل للمال بِالبَاطِلِ من غير حَقّ، وَلَكِنَّهُم يَقُولُونَ: هَذَا
نظام دولي، وَهَذَا حماية للمنتجات، أَلاَّ يقدرون أن يحموا المنتجات إلاَّ
بِهَذَا؟
قَوْله:
«وَقَد امتدَّت أيدي المكَّاسين فِي
أَشْرَف البِقَاع، فِي مَكَّة أمِّ القرى»؛ هَذَا فِي وقته، كَانُوا يأخذون من
الحجَّاج، فَلاَ يحج أَحَد إلاَّ ويدفع ضَرِيبَة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد