فما كلُّ سكوت رضًى؛ فإنَّ هَذِهِ منكراتٌ
أسَّسَها مَن بِيَدِهِ السَّيْف والسِّنان، ودماءُ العباد وأموالُهم تَحْتَ
لِسَانه وقلمِه، وأعراضُهم تَحْتَ قَوْله وكمِه، فَكَيْفَ يَقوى فردٌ من
الإِفْرَاد عَلَى دفعه عَمَّا أَرَادَ؟ فإنَّ هَذِهِ القباب والمشاهدَ الَّتِي
صَارَت أعظمَ ذَرِيعَة إِلَى الشِّرْك وَالإِلْحَاد، وأكبرَ وسيلة إِلَى هدم
الإِسْلاَم وخراب بنيانه غَالِب - بل كلُّ - مَن يَعمُرُها هُم الملوكُ والسلاطينُ
والرؤوساء وَالوُلاَة،
****
قَوْله:
«فإنَّ الإِجْمَاع اتِّفَاق مجتهدي أمَّة
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، والساكتُ لا يُنسب إِلَيْهِ وِفاق، ولا خِلاَف،
حَتَّى يُغربَ عَنْهُ لِسَانه»؛ الإِجْمَاع الحقيقي هُوَ اتِّفَاق أمة
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْل من الأَقْوَال.
قَوْله:
«فَقَالَ: إن تكلَّمتُ خالفتهم»؛
هَذَا دَلِيل عَلَى أنه لا يرضى بقولهم، وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ سَاكِت.
قَوْله:
«فما كلُّ سكوت رضًى»؛ فقد يَكُون
السُّكُوت لسبب منعه من الإِنْكَار.
قَوْله:
«فإنَّ هَذِهِ منكراتٌ أسَّسَها مَن
بِيَدِهِ السَّيْف والسِّنان»؛ أي: إن منْ تحدُث مِنْهُمْ هَذِهِ الأُمُور
لَهُم سطوة وسلطة، ولا يستطيع أَحَد أن يُنكِرها ظَاهِرًا؛ لأَِنَّهُم يبطشون به.
قَوْله:
«فَكَيْفَ يَقوى فردٌ من الإِفْرَاد عَلَى
دفعه عَمَّا أَرَادَ؟»؛ أي: فَكَيْفَ يقوى فرد من الإِفْرَاد عَلَى دفع
السُّلْطَان عَمَّا أَرَادَ؟ فالسلطان بِيَدِهِ السَّيْف وبيده القُدْرَة، وبيده
تصريف الأُمُور، فمن الَّذِي يقاومه من الإِفْرَاد؟ فالسكوت عَن تِلْكَ المنكرات
لَيْسَ دَلِيلاً عَلَى الرضى بها.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد