×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

وَهَذَا هُوَ الوَاقِع الآنَ؛ فالذين يبحثون عَن الآثَار ويُعظِّمونها ويحيونها، يَقُولُونَ: النَّاس عرفوا التَّوْحِيد، وأنتم لا تحسنون الظَّنّ بِالنَّاسِ، فَالنَّاس يعرفون التَّوْحِيد وليسوا مشركين. نَقُول لَهُم: نعم، النَّاس الآنَ يعرفون التَّوْحِيد - والحمد لله - وَعَلَى بصيرة، وَلَكِن نَحْنُ نخاف عَلَى المستقبل، نخاف مِمَّا يستجد فِيمَا بعد، وأيضًا الحَيّ لا تؤمن عَلَيْهِ الفتنة، فَإِذَا وجد السَّبَب والوسيلة فالشيطان حاضر يزين لِلنَّاسِ هَذِهِ الأُمُور، فنحن نهدم هَذِهِ الوَسِيلَة من الأَصْل، يكفينا سُنَّة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه وهم أفضل الأمة وَلَمْ يُبنَ عَلَى قبورهم، بل دفنوا مِثْل سَائِر النَّاس، ويُرفع القبر قدر شبر، وتوضع عَلَيْهِ نصائب، ويُدفنون فِي الصَّحَارِي، وَلَمْ يُعمل فِي قبورهم شَيْء من هَذَا، وهم صَحَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.

بل إن قبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لم يرفع إلاَّ قدر شبر، ووضع عَلَيْهِ البَطْحَاء؛ يَعْنِي: شَيْء من الحِجَارَة الصَّغِيرَة تمنع التُّرَاب أن يتطاير، ووضع عَلَيْهِ نصائب مِثْل سَائِر القبور، وَهُوَ قبر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وقبر أَبِي بَكْر، وقبر عمر، هَكَذَا، مِثْل قبور المُسْلِمِينَ، لم تُرفع بتراب زَائِد ولا وضع عَلَيْهَا أَشْيَاء.

قَوْله: «فيجد قبرًا قَد شُيِّد عَلَيْهِ البِنَاء، وسُرجَت عَلَيْهِ الشموعُ، وفُرشَ بالفراش الفاخر، وأُرْخيَت عَلَيْهِ السُّتُور، وأُلقيت عَلَيْهِ الأورادُ والزهور»؛ ألاَّ يلفت هَذَا الأَنْظَار؟ هَذَا يلفت الأَنْظَار، ويجذب القلوب إِلَى هَذَا القبر لا سيما مَعَ الجَهْل؛ وَلِذَلِكَ تجد النَّاس الآنَ فِي كَثِير من


الشرح