قلتُ: حَقِيقَة الإِجْمَاع اتِّفَاق مجتهدي أمَّة
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عَلَى أمر بعد عصره، وفقهاءُ المذاهب الأَرْبَعَة
يُحيلون الاِجْتِهَاد مِنْ بَعْد الأَئِمَّة الأَرْبَعَة، وإن كَانَ هَذَا قَوْلاً
بَاطِلاً وكلامًا لا يقوله إلاَّ مَن كَانَ للحقائق جاهلاً، فَعَلَى زعمهم لا
إِجْمَاع أَبَدًا مِنْ بَعْد الأَئِمَّة الأَرْبَعَة، فَلاَ يرد السُّؤَال؛ فإنَّ
هَذَا الابتداعَ والفتنةَ بالقبور لَمْ يَكُن عَلَى عهد أَئِمَّة المذاهب
الأَرْبَعَة، وَعَلَى ما نحققه فَالإِجْمَاع وُقُوعه محال.
****
العُلَمَاء وهم فِي أقطار متفرقة؟ فَهَذَا
إِجْمَاع ظَنِّي، وَلَيْسَ إجماعًا قطعيًّا، وَهُوَ الإِجْمَاع السكوتي.
والمؤلف
الشَّيْخ الإِمَام الصَّنْعَانِيّ رحمه الله يرى عَدَم الاِحْتِجَاج بِالإِجْمَاعِ
السكوتي، وَيُنْكر الاِحْتِجَاج به، أَخذا بِالقَوْلِ الثَّانِي فيه.
قَوْله:
«قلتُ: حَقِيقَة الإِجْمَاع اتِّفَاق
مجتهدي أمَّة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم عَلَى أمر بعد عصره»؛ هَذَا
الإِجْمَاع القطعي، الَّذِي لا تجوز مخالفته.
قَوْله:
«وإن كَانَ هَذَا قَوْلاً بَاطِلاً
وكلامًا لا يقوله إلاَّ مَن كَانَ للحقائق جاهلاً»؛ يَعْنِي: القَوْل بأن
الاِجْتِهَاد انتهى.
قَوْله:
«وَعَلَى ما نحققه»؛ أي: عَلَى ما يختاره
هُوَ.
قَوْله:
«فَالإِجْمَاع وُقُوعه محال»؛
يَعْنِي: وُقُوعه محال بعد تفرق النَّاس فِي الأقطار، وتباعدهم وكثرة الخِلاَف،
فمَنْ يضبط أَقْوَال النَّاس؟ أَمَّا يَوْم كَانُوا مجتمعين فِي المَدِينَة أو فِي
مَكَّة فيمكن الإِحَاطَة بأقوالهم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد