ثُمَّ لو فُرض أَنَّهُم عَلِمُوا بالمنكر وَمَا
أنكروه، بل سكتوا عَن إِنْكَاره، لَمَا دلَّ سكوتُهم عَلَى جوازه؛ فإنَّه قَد
عُلِم من قَوَاعِد الشَّرِيعَة أنَّ وظائفَ الإِنْكَار ثَلاَثَة:
أوَّلها: الإِنْكَار
بِاليَدِ: وَذَلِكَ بتغيير الْمُنْكَر وإزالته.
ثانيها:
الإِنْكَار باللسان مَعَ عَدَم استطاعة التغيير بِاليَدِ.
ثالثها:
الإِنْكَار بالقلب عِنْدَ عَدَم استطاعة التغيير بِاليَدِ واللسان.
فإن انْتَفَى
أَحَدهَا لم ينتفِ الآخر.
****
قَوْله:
«ثُمَّ لو فُرض أَنَّهُم عَلِمُوا بالمنكر
وَمَا أنكروه، بل سكتوا عَن إِنْكَاره، لَمَا دلَّ سكوتُهم عَلَى جوازه»؛
يَعْنِي: لَيْسَ سكوت الإِنْسَان عَلَى الْمُنْكَر دَلِيلاً عَلَى جوازه؛ لأنه قَد
يَكُون فِي سُكُوته معذورًا أو متساهلاً، فَلَيْسَ سُكُوته دَلِيلاً.
قَوْله:
«الإِنْكَار باللسان مَعَ عَدَم استطاعة
التغيير بِاليَدِ»؛ وَهَذَا لمن لَيْسَ لَهُ سلطة، وَلَكِن عِنْدَهُ علم ويعرف
الحَلاَل والحرام وَالجَائِز والمحرم، فَهَذَا يُنْكر بِالقَوْلِ، ويُبين
لِلنَّاسِ، ويدعو إِلَى الله، وينصح النَّاس، ويبلغ ولاة الأُمُور، وَهَذَا
الإِنْكَار بِالقَوْلِ.
قَوْله:
«الإِنْكَار بالقلب عِنْدَ عَدَم استطاعة
التغيير بِاليَدِ واللسان»؛ هَذَا آخر المراحل إِذا كَانَ لَيْسَ عِنْدَهُ
سلطة، وَلَيْسَ عِنْدَهُ علم يبين به فلينكر بقلبه، أو كَانَ عِنْدَهُ علم
وَلَكِنَّهُ مُنع من البَيَان، فَقِيل لَهُ: لا تتكلم وإلا قطعنا لسانك؛ فَهُوَ
معذور، فلينكر بقلبه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد