×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

ومثاله: مُرورُ فرد من أفراد عُلَمَاء الدّين بأحد المكاَّسين وَهُوَ يَأْخُذ أَمْوَال المظلومين، فَهَذَا الفردُ مِن عُلَمَاء الدّين لا يستطيع التغييرَ عَلَى هَذَا الَّذِي يَأْخُذ أَمْوَال المساكين بِاليَدِ ولا باللسان؛ لأنَّه إِنَّمَا يَكُون سخريةً لأهل العصيان، فانتفى شرطُ الإِنْكَار بالوظيفتين، وَلَمْ يبقَ إلاَّ الإِنْكَار بالقلب الَّذِي هُوَ أضعفُ الإِيمَان، فَيَجِب عَلَى مَن رأى ذَلِكَ العَالم ساكتًا عَلَى الإِنْكَار مَعَ مُشَاهدَة ما يأخذه الجَبَّار، أن يعتقدَ أنَّه تَعَذّر عَلَيْهِ الإِنْكَار بِاليَدِ واللسان، وأنَّه قَد أنكر بقلبه.

فإنَّ حُسنَ الظَّنّ بالمُسْلِمِينَ أهلِ الدّين واجبٌ، والتأويل لَهُم ما...

****

قَوْله: «فإن انْتَفَى أَحَدهَا لم ينتفِ الآخر»؛ فَالإِنْكَار بالقلب لا أَحَد يعجز عَنْهُ، وَالإِنْكَار بِاليَدِ أو اللسان قَد يُعجز عَنْهُمَا، وَلَكِن الإِنْكَار بالقلب لا أَحَد يعجز عَنْهُ، فَلاَ يملك القلوب إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِْيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» ([1])، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([2]).

قَوْله: «فَهَذَا الفردُ مِن عُلَمَاء الدّين لا يستطيع التغييرَ عَلَى هَذَا الَّذِي يَأْخُذ أَمْوَال المساكين بِاليَدِ ولا باللسان»؛ فَهُوَ لا يستطيع أن يُنْكر عَلَيْهِ بِاليَدِ؛ لأنه لَيْسَ لَهُ سلطة، ولا باللسان؛ لأنه مَمْنُوع من الإِنْكَار.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (50).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (49).