×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

ووجهُ اختلالِه أنَّ قَوْلهم: «وَلَمْ يُنْكر» رجمٌ بالغيب؛ فإنَّه قَد يَكُون أنكرته قلوبٌ كَثِيرَة تَعَذّر عَلَيْهَا الإِنْكَار بِاليَدِ واللسان، وأنت تشاهد فِي زَمَانك أنَّه كم مِن أمر يَقَع لا تنكره بلسانك ولا بيدك، وأنت مُنكرٌ لَهُ بقلبك، ويقول الجاهلُ إِذا رآك تشاهد: سكت فلانٌ عَن الإِنْكَار، يقوله إمَّا لائمًا أو مُتَأسِّيًا بسكوته، فالسكوتُ لا يستدلُّ به عارف،

****

قَوْله: «إنَّه وقع وَلَمْ يُنْكر، فَكَانَ إجماعًا»؛ هَذِهِ العِبَارَة تتكرر فِي كتب الفِقْه، يَقُول: قَالَ فلان كَذَا، واشتهر وَلَمْ يُنْكر، فَكَانَ إجماعًا؛ أي: إِجْمَاع سكوتي، إِجْمَاع ظَنِّي، وَلَيْسَ إجماعًا قطعيًّا.

قَوْله: «ووجهُ اختلالِه أنَّ قَوْلهم: «وَلَمْ يُنْكر» رجمٌ بالغيب»؛ مَن الَّذِي يعلم أنه لم يُنكِره؟ فَهَذَا رجم بالغيب لأَِمْرَيْنِ:

الأَمْر الأَوَّل: مَن الَّذِي يُحِيط بالعلماء فِي العَالم الإسلامي بَعْدَ انتشار وتوسع الإِسْلاَم، ويجزم أَنَّهُم كلهم سكتوا؟

الأَمْر الثَّانِي: قَد يكونون سكتوا، وَلَكِنَّهُم سكتوا لعذر مِثْل أن يكونوا مُنعوا من الكَلاَم أو لعذر من الأعذار سكتوا من أجله.

قَوْله: «وأنت تشاهد فِي زَمَانك أنَّه كم مِن أمر يَقَع لا تنكره بلسانك ولا بيدك»؛ يَعْنِي: أَنْت تعلم أنه فِي زَمَانك يحصل أُمُور أَنْت تنكرها بقلبك، وَلَكِن لا تتمكن من إِنْكَارهَا بلسانك ولا بيدك، ولا يَكُون هَذَا إجماعًا.

قَوْله: «وأنت مُنكرٌ لَهُ بقلبك»؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ


الشرح