×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

إن زَعَمت ذَلِكَ فقد جئت شَيْئًا إِدًّا، وصيَّرتَ هَؤُلاَءِ الأَمْوَات مشركين، وَأَخْرَجتهُم - وحاشاهم عَن ذَلِكَ - عَن دائرة الإِسْلاَم والدِّين، حَيْثُ جعلتهم أندادًا لله، راضين فرحين، وزعمتَ أنَّ هَذِهِ كرامات لهؤلاء المجاذيب الضُّلاَل المشركين، التَّابِعِينَ لكلِّ بَاطِل، المنغمسين فِي بحار الرذائل، الَّذِينَ....

****

  قَوْله: «إن زَعَمت ذَلِكَ فقد جئت شَيْئًا إِدًّا»؛ إن زَعَمت أنه وليٌّ لله وَهُوَ يرضى بالشرك فقد زَعَمت شَيْئًا إِدًّا؛ أي: شَيْئًا عظيمًا مُنْكرًا.

قَوْله: «وصيَّرتَ هَؤُلاَءِ الأَمْوَات مشركين»؛ هَذِهِ مصيبة أُخْرَى يحكم عَلَى هَؤُلاَءِ الأَمْوَات الصَّالِحِينَ بأنهم مشركون، وهم أولياء لله وليسوا بمشركين، ولا كَانُوا يرضون بِهَذَا، فَهُوَ كَذَب عَلَى الأَمْوَات.

قَوْله: «وَأَخْرَجتهُم - وحاشاهم عَن ذَلِكَ - عَن دائرة الإِسْلاَم والدِّين»؛ لأن مَنْ رضي أن يُعبد مَعَ الله أو أن يُستغاث به، أو أن يُذبح لَهُ فإنه يخرج من التَّوْحِيد إِلَى الشِّرْك، ولا يَكُون وليًّا لله عز وجل؛ سَوَاء كَانَ حَيًّا أو مَيتًا.

قَوْله: «حَيْثُ جعلتهم أندادًا لله، راضين فرحين، وزعمتَ أنَّ هَذِهِ كرامات لهؤلاء المجاذيب الضَّلاَل المشركين»؛ وَهِيَ لَيْسَت كرامات، وَإِنَّمَا هِيَ أَحْوَال شيطانية، وَإِذَا تكلم المَيِّت - بزعمهم - فَلَيْسَ المَيِّت هُوَ الَّذِي تكلم، بل الشَّيْطَان؛ فالشيطان يختبئ عِنْدَ القبر، ويجيب الدَّاعِي والسائل عَلَى أنه المَيِّت، وَقَد يظْهر بصورة المَيِّت أمام مَنْ يأتون إِلَيْهِ، وَهُوَ شيطان يتصور لَهُم، ويقول: أنا فلان وَقَد قضيت حوائجكم، والميت لا يخرج من قبره إلاَّ يَوْم القِيَامَة.


الشرح