وَقَد ملأَ سحرةُ فرعون الوادي بالثعابين والحيات،
حَتَّى أوْجس فِي نَفْسِهِ خيفةً موسى عليه السلام، وَقَد وصفه الله بأنَّه سِحرٌ
عَظِيم.
وَالسّحر يفْعَل
أعظمَ من هَذَا؛ فإنَّه قَد ذكرَ ابْن بطوطة وغيرُه أنَّه شَاهِد فِي بلاد الهند
قومًا توقدُ لَهُم النَّار العَظِيمَة، فيلبسون الثِّيَاب الرقيقة، ويخوضون فِي
تِلْكَ النَّار، ويخرجون وثيابُهم كأنَّها لَم يَمسَّها شَيْء.
****
قَوْله:
«وإهانةُ ما عظَّمه الله، مِن جَعْل
مُصحَف فِي كَنيف ونحوه»؛ يَعْنِي: من أطاع الشَّيَاطِين وأهان المُصْحَف
خدموه، وإهانته المُصْحَف بأن يلقيه فِي مزبلة، يلقيه فِي حُشًّ، ثُمَّ يخدمونه.
قَوْله:
«وَهَكَذَا الَّذِينَ يقلبون الأَعْيَان
بِالأَسْحَارِ وَغَيرهَا»؛ الأسحار: جمع سحر، وَهِيَ القُمرة؛ حَيْثُ يحول
الشَّيْء إِلَى غير حقيقته، مِثْل هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يأتون إِلَى أَصْحَاب
المصارف ومعه ورقة عادية ويقول لَهُ: أريدك أن تصرف لي هَذِهِ الورقة من فئة
الخمسمائة رِيَال؛ فينظر فِيهَا، فَإِذَا ألوانها كالخمسمائة، ثُمَّ بعد ما يقوم
المسكين بصرفها يتبين لها أنها أوراق ملونة عادية.
قَوْله:
«وَقَد ملأَ سحرةُ فرعون الوادي بالثعابين
والحيَّات»؛ لَكِنَّهَا ما قَامَت أمام عصا موسى عليه السلام، وعصا موسى
وَاحِدَة، وهذه عصي كَثِيرَة ملأت الوادي، فَلَمَّا ألقى موسى عصاه ابتلعتها كلها؛
لأن هَذَا حَقّ وَهَذَا بَاطِل؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ
فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ﴾
[الأَنْبِيَاء: 18].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد