الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
إله إلا الله، وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: لما تنزلت هذه الأحكام
-التي فيها الحماية والحيطة للمسلمين- على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمسك
بها المسلمون، وساروا على نهجها، صار مجتمع المسلمين طاهرًا نظيفًا عفيفًا، مضرب
المثل في الطهارة والنزاهة والعفة، بعد أن كانوا في الجاهلية على ضياع في الأخلاق،
وكانت النساء مضيعات نهبًا لكلاب البشر.
فلما جاء الإسلام، صانهن وحفظهن وحماهن، فأصبح مجتمع المسلمين طاهرًا نزيهًا
تقيًا نقيًا، فلما حصل بعد ذلك من بعض المسلمين أو كثير من المسلمين تساهل في هذه
الأحكام، وانقياد لأخلاق الكفار وعادات الكفار، حصل في مجتمعات المسلمين من الضياع
والتشرد، وحصل فيها من الخلل، مالا يخفي على كل ذي عقل ولب، ويتمثل هذا في
المجتمعات التي تركت الحبل على الغارب لنسائها، يفعلن ما يحلو لهن من دون حسيب ولا
رقيب، ماذا حصل في هذه المجتمعات من ضياع الأخلاق، وتفكك السر، وضياع الأنساب،
وانتشار الأمراض، وضياع الغيرة؟ حتى أصبحت مجتمعات همجيةً، عادت إلى الجاهلية
الأولى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الصفحة 1 / 391
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد