الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله وأطيعوه،
واعلموا أن للفتن دعاة يدعون الناس إليها ويزينونها للناس ويصفونها بأنها تقدمٌ
ورقيٌّ وأن تركها تأخرٌ ورجعيةٌ وهم دعاةٌ على أبواب جهنم كما وصفهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم بقوله: «دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ،مَنْ أَطَاعَهُمْ
قَذَفُوهُ فِيهَا» قالوا: صِفْهُمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قال: «قَوْمٌ
مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» ([1]).
فاحذروا هؤلاء الدعاة، دعاة الفتنة، الذين يدعون الناس إلى النار﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى
ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221]، إنهم يدعون الناس إلى الشر، لا على أنه شرٌّ، بل يسمونه
بغير اسمه، ويزينونه للناس، كما قال الشاعر:
في زخرف القول تزيين لباطله *** والحق قد يعتريه
سوء تعبير
فهم يزينون القبيح بأساليبهم ودعاياتهم، ويعرضونه للناس عرضًا مغريًا، يعرضونه في محاضراتهم، وفي ندواتهم التي تأتي عبر الأثير في القنوات الفضائية وفي غيرها، يعرضونه في كتبهم، كتب الشر، يعرضونه في صحافتهم، ومجلاتهم، يعرضونه في المجالس، يعرضونه في
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3411)، ومسلم رقم (1847).
الصفحة 1 / 391
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد