الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى: وتحفظوا من ألسنتكم، فإن هذه الألسن لابد أن تنطق، ولابد أن تتكلم، ولكن ميزوا ماذا تتكلمون به، فإذا كان من ذكر الله عز وجل فهي نعمةٌ عظيمةٌ، أكثروا منها، واشكروا الله عليها، والشيء بالاعتياد؛ فإذا عودتم ألسنتكم ذكر الله اعتادت على ذلك، وإذا عودتم ألسنتكم الغيبة والكلام المحرم، فإنها تتربى على ذلك، وتتساهل فيه، ويصبح عادةً لها، فحافظوا على هذا اللسان، فقد جاء في الحديث: «إِنَّ الأَْعْضَاءُ تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وَإِنْ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا» ([1]).
فاللسان خطره عظيمٌ، ونفعه عظيمٌ لمن وفقه الله لاستعماله في الخير، وتعويده على ذكر الله والكلام الطيب، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ﴾ [فاطر: 10]، فذكر الله يرتفع إلى الله سبحانه وتعالى، إذا صحبه العمل الصالح، وأما الذكر باللسان من دون عملٍ صالحٍ، فإنه لا يرتفع إلى الله سبحانه وتعالى، فعودوا ألسنتكم على ذكر الله والإكثار من ذلك، ولا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله، فإن
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2407)، وأحمد رقم (11908)، وأبو يعلى رقم (1185).
الصفحة 1 / 391
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد