في التحذير من أخطار اللسان
الحمد لله رب العالمين ﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ ٣ عَلَّمَهُ ٱلۡبَيَانَ ٤﴾ [الرحمن: 3، 4]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيءٍ قديرٌ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله واشكروه على نعمه التي من أعظمها: نعمة النطق بواسطة هذا اللسان، الذي خلقه الله لكم؛ لتعبروا به عن مقاصدكم، وتُبينوا ما في نفوسكم، وتنتظم به مصالحكم وتذكرون به ربكم، فهو نعمةٌ من الله سبحانه وتعالى من جملة نعمه عليكم التي تستوجب الشكر، ولكن هذا اللسان سلاحٌ ذو حدين، إن استعملته فيما ينفعك فإنه يكون كاسبًا لك، ويكون عاملاً لك في الخير، وإن استعملته فيما يضرك كان سلاحًا قاتلاً لك، وكان عدوًّا لك، ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لمعاذ، لما قال له: وهل نحن مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» ([1])، وجاء في الحديث الصحيح أيضًا: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، -أو: مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا- يَزِلُّ بِهَا
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22069).
الصفحة 1 / 391
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد