×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ([1])، فهذا يدل على خطر اللسان، وعلى خطر كثرة الكلام، إلا ما كان منه في صالح الإنسان، فإن الكلام على ثلاثة أقسامٍ.

القسم الأول: ما فيه خيرٌ للإنسان، ومصلحةٌ عاجلةٌ أو آجلةٌ، وذلك مثل الكلام بذكر الله عز وجل، بالتسبيح والتهليل وتلاوة القرآن، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم الخير، وكل كلامٍ فيه مصلحةٌ تعود على الإنسان أو تعود على غيره بالنفع، فإنه كلامٌ مثمرٌ مفيدٌ، يجلب لصاحبه الخير وينتفع الناسُ من ورائه، فهذا الكلام للإنسان مغنمٌ له.

القسم الثاني: كلامٌ يكون على الإنسان لا له، يكون عليه ضرره وإثمه، ولا يستفيد منه شيئًا، وهو الكلام المحرم، كالغيبة والنميمة والشتم، وقول الزور وشهادة الزور، وغير ذلك من كل كلامٍ محرمٍ، فإنه ضرر على الإنسان في دينه ودنياه، ضررٌ عاجلٌ وآجلٌ وربما يكون سببًا في القضاء عليه، كما قال الشاعر:

احفظ لسانك أيها الإنسان *** لا يلدغنك إنه ثعبان

كم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تهاب لقاءه الشجعان

والآخر يقول:

يصاب الفتى من عثرةٍ بلسانه *** وليس يصاب المرء من عثرة الرِّجل

فعثرته بالقول تُذهِب رأسه *** عثرته بالرِّجل تبرأ على مهل

فهذا هو الكلام الخطير الذي يأكل الحسنات، فقد يكون للإنسان حسناتٌ كثيرةٌ ثم يسلط عليها لسانه فيحصدها حصدًا، فيبوء بالخسارة العاجلة والآجلة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6112)، ومسلم رقم (2988).