والقسم الثالث: كلام لا للإنسان ولا عليه، وهو الكلام المباح في حدود ما يحتاج إليه الإنسان من أموره ومخاطباته، هذا كلامٌ مباحٌ، كأن يتكلم في المعاملات والبيع والشراء، والسؤال عما فيه مصلحةٌ له، فهذا كلامٌ مباحٌ، ولكن إذا أكثر من هذا الكلام المباح فإنه يشغله عن الكلام الطيب، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1]).
ومن الكلام الخير، بل أعظم الخير: ذكر الله عز وجل بأنواع الذكر المشروعة؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر بذكره، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا﴾ [الأحزاب: 35]، وقال سبحانه: ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ﴾ [الأنفال: 45]، فأمر سبحانه وتعالى بذكره، وأثنى على الذاكرين، ووعدهم سبحانه وتعالى بجزيل الأجر والثواب.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أولي الألباب ﴿ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [آل عمران: 191]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيۡتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمۡۚ﴾ [النساء: 103].
وأنواع الذكر كثيرة، أعظمها الصلاة، قال الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ﴾ [العنكبوت: 45]، وقال تعالى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ﴾[طه: 14]، ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطۡمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28]
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5672)، ومسلم رقم (47).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد