الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وبادروا
إلى الخيرات، واغتنموا الأوقات، فإنها تمر بسرعة، وهي من أعماركم إن هذه الليالي
والأيام هي من أعماركم، تطوى مرحلة مرحلة، وهي خزائن لكم عند الله، تودِعُون فيها
أعمالكم، فهي تطوى على أعمالكم من خير أو شر، وستفتح هذه الخزائن يوم القيامة لأصحابها،
فالمؤمنون يجدون في خزائنهم العزة والكرامة، والمضيعون يجدون في خزائنهم الحسرة
والندامة.
إن هذه الليالي والأيام في تقلبها وانقضائها عبرة لأولي الأبصار، يتيقظون
ويستيقظون، ويبادرونها قبل أن تفوت عليهم، فيخسروها، وقال الله تعالى: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ
وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ ٣﴾ [العصر: 1- 3]، أقسم
بالعصر، وهو: الزمان المكون من الليل والنهار، وهو لا يقسم إلا بشيء عظيم: فدل على
أن هذا الزمان له شان عظيم، وأنه إن حفظه الإنسان فيما ينفعه ويفيده، صار خيرًا
له، وصار من ﴿ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ﴾ [العصر: 3]، وإن ضيعه صار
من الخاسرين، الذين تكون حياتهم وبالاً عليهم وخسارة عليهم.
الصفحة 1 / 391
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد