×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

العقيدة وتجر إلى الكفر والشرك بالله كفتنة الغلو في الأنبياء والأولياء والصالحين والغلو في القبور، وكم وقع في هذه الفتن من أمم في الماضي والحاضر- وهذه أخطر الفتن وقد خافها إبراهيم الخليل على نفسه فقال: ﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا ٱلۡبَلَدَ ءَامِنٗا وَٱجۡنُبۡنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعۡبُدَ ٱلۡأَصۡنَامَ ٣٥ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضۡلَلۡنَ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ وَمَنۡ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣٦ [إبراهيم: 35، 36]، وقال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» فقيل له في ذلك فقال: «وَمَا يُؤَمِّنُنِي وَقُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللهِ، إِذَا أَرَادَ أَنْ يُقَلِّبَ قَلْبَ عَبْدٍ قَلَّبَهُ» ([1]) وفي دعاء الراسخين في العلم: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغۡ قُلُوبَنَا بَعۡدَ إِذۡ هَدَيۡتَنَا وَهَبۡ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةًۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ [آل عمران: 8]، وأما فتن الشهوات، فإنها تؤثر على الأخلاق والسلوك والأعراض كشهوة الفرج وشهوة البطن وشهوة جمع المال، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» ([2]) بمعنى أن ارتكاب هذه الجرائم ينقص إيمانه ويضعفه إضعافًا بينا، وقد يزيله بالكلية ويجره إلى الكفر، وكذلك حب المال قد يجر صاحبه إلى ارتكاب الكبائر من الكذب والغش والأيمان الفاجرة وأكل الربا، بل ربما يتخلى عن دينه بالكلية، لأجل الحصول على المال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2140)، وابن ماجه رقم (199)، وأحمد رقم (26133) واللفظ له.

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2343)، ومسلم رقم (57).