×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

في الأمراض المؤلمة والآفات الكثيرة، أنعم علينا بالراحة في الأسفار، فقد توفرت للمسافرين وسائل النقل السريعة، وتوفرت بهم محلات الاستراحة في كل مكانٍ يمرون به، تتوفر فيه الأرزاق والمياه وكل ما يطلبون، لا يحملون معهم زادًا ولا ماءً؛ لأنهم يجدون ذلك في طريقهم على امتداده، فهذه نِعَمٌ عظيمةٌ يجب علينا أن نشكرها؛ لأن النعم إنما تزيد وتستقر بالشكر، وتزول وتقل بالكفر، قال الله سبحانه: ﴿وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ [إبراهيم: 7]، ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ [الأنفال: 53].

فإذا أردتم بقاء هذه النعم واستمرارها، فعليكم بالشكر، فإن تقييدها بشكر الله سبحانه وتعالى، وتذكروا من كفروا بنعم الله وماذا حل لهم؟ قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ [النحل: 112].

وذكر لنا قصة سبأ، وهم أهل اليمن، كانوا يعيشون في نعمةٍ عظيمةٍ، في زروعٍ وخصبٍ ومياهٍ متوفرةٍ وجناتٍ، قال تعالى: ﴿لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ ١٥  فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ ١٦ [سبأ: 15، 16]، يعني: أعرضوا عن شكر الله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ [سبأ: 16]، أي: أطلق الله عليهم مياه سد مأرب الذي كانوا يحبسون به السيول لزروعهم وشرابهم فسلط الله عليهم الجُرَذَ، الدابة الضعيفة، فنقبته وهم


الشرح