×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

لا يشعرون، ثم انفجر عليهم الوادي بما فيه من المياه المخزونة، فأهلكت ديارهم وحروثهم وأشجارهم ﴿وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ [سبأ: 16]، وهو شجر الأراك ﴿وَأَثۡلٖ [سبأ: 16] وهو الطوفان ﴿وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ [سبأ: 16] والسدر: هو الشجر ذو الشوك، وفيه ثمرٌ طيبٌ لكنه قليلٌ، ولا يحصلون عليه إلا بمشقةٍ؛ لما في تلك الأشجار من الشوك ﴿ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْ [سبأ: 17]، يعني بما كفروا نعم الله ﴿وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ [سبأ: 17].

ثم ذكر حالتهم في الأسفار، لما ذكر حالتهم في الحضر وإقامتهم، في البلد وما فيه من النعم -بلد الإقامة- ذكر حالتهم في السفر، وأن الله أنعم عليهم بالراحة في أسفارهم، بحيث يسيرون من بلدٍ إلى بلدٍ في طريقهم، ولا يحملون معهم زادًا ولا ماءً قال تعالى: ﴿وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا [سبأ: 18]، وهي الشام ﴿قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ [سبأ: 18]، جعل الله بين اليمن وبين بلاد الشام بلادًا متواصلةً على الطريق، بحيث إن المسافر لا يحتاج معه أن يحمل الزاد والماء وكُلَفَ السفر؛ لأن الله وفَّر ذلك في محطاتٍ متناسبةٍ يجدها أينما حلَّ فيها، قال تعالى:﴿سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ [سبأ: 18]، فكفروا هذه النعمة، وطلبوا من الله أن يغير هذا السفر إلى سفرٍ شاق، وأن يحول هذه الأراضي إلى مفاوز ليس بها بلادٌ، كفرًا بنعم الله ﴿فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا [سبأ: 19]، طلبوا من الله أن يكون سفرهم في مفاوز، وفي برارٍ قاحلةٍ ليس فيها شيءٌ وبطروا نعمة الله عليهم ﴿وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ [سبأ: 19] بالشرك وكفر النعم؛ لأنهم لا يظلمون الله شيئًا سبحانه، ولا يضرونه شيئًا، وإنما


الشرح