يظلمون أنفسهم، ويضرونها بفعلهم وعدم شكرهم ﴿فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ﴾ [سبأ: 19] صار الناس يتحدثون عما أصابهم، ويذكرون أحوالهم وما حل بهم في مجالسهم وفي كتب التاريخ ﴿وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ﴾ [سبأ: 19] فرقهم الله كل تفريقٍ، وقطعهم بعد أن كانوا مجتمعين، وكانت أمتهم أمة حضارةٍ، وأمة زراعةٍ، وأمة خيراتٍ، مزقهم الله، فتشتتوا في أرض الجزيرة، ورحلوا من اليمن لما أقفرت وفسدت بلادهم، شتتهم الله في أرض الجزيرة، في العراق، وفي الشام، وفي المدينة، وفي أصقاع الأرض؛ بسبب كفرهم بنعم الله سبحانه وتعالى، فبدلهم الله بالأمن خوفًا، وبدلهم برغد العيش جوعًا وقلة محاصيل، وبدلهم الاجتماع تفرقًا وتشتتًا، كل ذلك بسبب كفر نعم الله سبحانه وتعالى، فالنعم إنما تُقَيَّد بالشكر، وتزول بالكفر، قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرۡتُمۡ لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ﴾ [إبراهيم: 7].
وما أشبه حالهم بحالنا في هذه البلاد، من وفرة النعم ووفرة الأمن.
أيها المسلمون: إن الشكر للنعم يتكون من ثلاثة أركانٍ، وهي:
التحدث بها ظاهرًا، بأن يكثر من ذكر نعم الله عليه، معترفًا بفضل الله عليه ﴿وَأَمَّا بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثۡ﴾ [الضحى: 11] لأنه إذا تحدث بها فقد أثنى على الله تعالى بها.
والركن الثاني: الاعتراف بها باطنًا في قلبه، بأن يعترف أن هذه النعم هي من الله، لا بحوله ولا بقوته، ولا بكده ولا بكسبه، وإنما هي فضلٌ من الله، فيثني على الله بذلك ويشكره، ويحب ربه عز وجل بما أنعم عليه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد