الركن الثالث: أن يصرف هذه النعم ويستعين بها على طاعة الله عز وجل فيؤدي ما أوجب الله عليه، ويتجنب ما حرم الله عليه، ويأكل مما أباح الله له، فهذا هو صرفها في طاعة الله، فإن الله أمر أن يُطَاع فلا يُعصَى، وأن يُشكَر فلا يُكفَر، وأن يُذكَر فلا ينسى، كما في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ﴾ [آل عمران: 102].
ومن صرفها في طاعة الله: أن ينفق من هذه الأموال وهذه النعم، على المحتاجين، وعلى الفقراء والمساكين، ويساعد المعسرين والمعوزين، وأن ينفق في سبيل الله، فيخرج الزكاة ويتصدق صدقات التطوع، فينفق من هذه الأموال في طاعة الله سبحانه وتعالى ومرضاته، فإذا فعل ذلك فإنه يكون قد صرف نعم الله في طاعة الله سبحانه وتعالى، أما إذا صرفها في المحرمات والمعاصي، واستعان بها على ذلك فإنه يكون قد كفر بنعم الله عليه؛ لأن الله لم يرزقه هذه الأموال وهذه النعم من أجل أن يعصيه بها، وإنما رزقه إياها ليستعين بها على طاعة الله، ويعترف بنعم الله عليه، فبذلك يشكر الله له ويزيده من نعمه، ويديم هذه النعم عليه لأنه أدى حقها وقام بشكرها.
وقد وصف الله خيرة أنبيائه بالشكر، فوصف نبيه نوحًا بأنه كان عبدًا شكورًا، ووصف خليله إبراهيم بأنه شاكرٌ لأنعم الله فقال تعالى: ﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٢٠ شَاكِرٗا لِّأَنۡعُمِهِۚ ٱجۡتَبَىٰهُ وَهَدَىٰهُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٢١﴾ [النحل: 120، 121]، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقوم على قدميه الشريفتين في الليل حتى تتفطرا من طول القيام، فقالت له أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، لِمَ تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا؟» ([1]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1078)، ومسلم رقم (2819).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد