والدعاء على نوعين: دعاء عبادة وهو الثناء على الله سبحانه وتعالى، ودعاء مسألة، وهو طلب الحوائج من الله، ويجتمع النوعان في سورة الفاتحة، فأولها ثناءٌ على الله، وهو دعاء عبادةٍ، وآخرها سؤالٌ من الله، وطلب الهداية من الله إلى الصراط المستقيم، وتجنب طريق المغضوب عليهم والضالين، وهذا دعاء مسألةٍ فهذه السورة العظيمة -سورة الفاتحة- تشتمل على نوعي الدعاء، دعاء العبادة ودعاء المسألة؛ ولذلك جعل الله قراءتها ركنًا من أركان الصلاة في كل ركعةٍ؛ لحاجة العبد إليها، ولما تشتمل عليه من نوعي الدعاء.
فأكثروا من دعاء ربكم، والله جل وعلا ينزل كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فيقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟» ([1]) فاغتنموا هذه الفرص، وادعوا ربكم، وتضرعوا إليه، فإن من لا يدعو الله فإن قلبه يقسو ويبتعد عن الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿فَلَوۡلَآ إِذۡ جَآءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأنعام: 43].
فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من دعاء الله وذكره؛ لتتصلوا بربكم عز وجل، وتطلبوا منه حوائجكم، وتحصل لكم مطالبكم في الدنيا والآخرة، فإنه لا غنى بكم عن الله سبحانه وتعالى وعن ذكره ودعائه، لا غنى بكم طرفة عينٍ.
فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من الذكر والدعاء، والإلحاح على الله سبحانه وتعالى ؛ لعل الله أن يستجيب لكم وأن يغفر لكم من ذنوبكم، وأن
([1]) أخرجه: النسائي في « الكبرى » رقم (10321)، والدارمي رقم (1480)، وأحمد رقم (9591).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد