×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

والنار، فالجنة دار المتقين، والنار دار الكافرين، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ [التحريم: 6].

نادى الله عباده المؤمنين بأن يقوا أنفسهم من النار، ومعنى يقوا أنفسهم: يتخذوا وقايةً بينهم وبين النار، تقيهم من حرِّها وعذابها وذلك بطاعة الله سبحانه وتعالى وترك معصية الله، فإنه لا يقي من هذه النار كثرة الحصون أو كثرة الجنود، أو كثرة المال والأولاد، وإنما يقي منها شيءٌ واحدٌ، وهو العمل الصالح المتمثل في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك معصية الله ومعصية رسوله، ثم إنه لا يكفي أن يقي المسلم نفسه من النار، بل لابد أن يقي معه أهله، وهم أولاده ونساؤه ومن تحت يده، فإنه مكلفٌ ومسئولٌ عنهم، بأن يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصية الله، ويبعد عن بيته وسائل الفتن التي كثرت في هذا الزمان، فيخلي بيته من وسائل الفتن والشرور، التي أضلت وأفسدت كثيرًا من الناس، إلا من رحم الله.

إن المسئولية عظيمةٌ، خصوصًا لما اشتدت الفتن في هذا الزمان، فيجب على أهل البيوت أن يحموا بيوتهم من هذه الأخطار التي هي طريقٌ إلى النار.

وقوله تعالى: ﴿وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ، أي: وقودها جثث الكفار والعصاة، تشتعل بها نار جهنم، ومع هذا فإنهم لا يموتون، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَۗ [النساء: 56]، وهذه النار لا تُطفَأ أبدًا، قال تعالى: ﴿كُلَّمَا خَبَتۡ زِدۡنَٰهُمۡ سَعِيرٗا [الإسراء: 97]، فهي نارٌ موقدةٌ لا تُطفَأ أبدًا، ولا يبرد حرها، ولا يخمد جمرها، بل هي مستعرةٌ متوقدةٌ أبد الآباد، وأهلها يشتعلون فيها أبد الآباد، نسأل الله العافية.


الشرح