كل ذلك من أجل أن يبعد الأمة الإسلامية عن الكفر والشرك وأخلاق الكفار، ومن أجل أن يقطع المحبة بين المؤمنين والكفار، لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا يَوْمَيْنِ هُمَا خَيْرًا لكم: عِيدُ الْفِطْرِ وَعِيدُ الأَْضْحَى» ([1])، فمنع المسلمين من الاحتفال بأعياد الكفار، ومشاركة الكفار في أعيادهم، وأمرهم بالاقتصار على أعياد الإسلام التي هي بمناسبة أداء أركان الإسلام، فعيد الفطر بعد أداء ركن الصيام، وعيد الأضحى بعد أداء ركن الحج بالوقوف بعرفة ولما قدم المدينة أيضًا ووجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «خَالِفُوا الْيَهُودَ، صُومُوا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ» ([2]).
ولما أراد الصحابة -في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وضع تاريخٍ يعتمدونه في معاملاتهم وفي وثائقهم، وفي أمور دنياهم وآخرتهم، تركوا التاريخ الميلادي، والتاريخ الإفرنجي، والتاريخ الفارسي، وهي موجودةٌ، فتركوها وعدلوا إلى التاريخ الهجري، الذي يبتدئ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؛ وذلك ليبتعدوا عن مشابهة الكفار في تاريخهم، وليستقلوا عن الكفار في ذلك، بما يدل على أنه مطلوبٌ من المسلمين دائمًا وأبدًا: الاستقلالية، والابتعاد عن التبعية، والتمسك بأهداب دينهم؛ لأن التبعية والتشبه يجرانهم إلى تعظيم المشركين وتعظيم أديانهم وأخلاقهم، بل يجران إلى محبة المشركين؛ لأن التشبه بهم في الظاهر يدل على محبتهم في الباطن، ومن أحب الكفار هلك، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ﴾ [المائدة: 51].
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1134)، والنسائي رقم (1556)، والحاكم رقم (1091).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد