×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

والمسلمون أمام هذه الفتنة: الكثير منهم مكتوف الأيدي، لا ينكر منكرًا ولا يعرف معروفًا، مستسلمٌ منقادٌ، إما أنه يحبها ويستعملها، وإما أنه ليس له أي تأثيرٍ، وليس له أي وجودٍ في مقاومتها، حتى في بيته، فهي تدخل في بيته، ولا يمنعها من بيته، وهذا من أعظم الفتن، فهذه الوسائل الإعلامية استخدمها شياطين الإنس والجن لإضلال الناس.

وأما الخير فهو قليلٌ فيها، ومغمورٌ فيها بجانب الشر، وأكثر الناس لا يريدون الخير، وإنما يريدون الشر، وحتى الذين يريدون الخير هم على خطرٍ، أن يتهاونوا بها شيئًا فشيئًا حتى تغريهم وتصرفهم عن الخير.

فالفتن عظيمةٌ، ولا يشعر بها إلا من في قلبه إيمانٌ، ولكن حتى المؤمن على خطرٍ منها، فكيف بضعيف الإيمان؟ كيف بالجاهل؟ كيف بالمرأة؟ كيف بالأطفال؟

فاتقوا الله عباد الله، واحذروا من هذه الفتن، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَن»، قالوا: ومَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «كِتَابُ اللهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وفَضْل مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الجدُّ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَالذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَْعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، و يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا» ([2]).


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2906)، والدارمي رقم (3331)، وأحمد رقم (704).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (118).