×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

 من الغبطة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ عِلْمًا فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ» ([1])، فإذا رآه أخوه تمنى أن يكون له مثله فهذا من الغبطة، وهي تمني الخير.

·        والحسد له آفات وآثار قبيحة، وله ثمار سيئة:

أولها: أن الحاسد يعترض على الله سبحانه وتعالى في قسمته بين عباده، ويتهم الله عز وجل بعدم العدل بين عباده، وكفى بذلك كفرًا وإثمًا، كما حسد كفار قريش محمدًا صلى الله عليه وسلم، فقالوا لم يجد الله لرسالته إلا هذا اليتيم، ﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ [الزخرف: 31]، يقترحون على الله جل وعلا أن يجعل رسالته في رجل عظيم ممن يعظمونهم من أهل مكة أو من أهل الطائف، ويحتقرون محمدًا صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه فقير ويتيم، قال الله جل وعلا ردًا عليهم: ﴿أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ نَحۡنُ قَسَمۡنَا بَيۡنَهُم مَّعِيشَتَهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ لِّيَتَّخِذَ بَعۡضُهُم بَعۡضٗا سُخۡرِيّٗاۗ وَرَحۡمَتُ رَبِّكَ خَيۡرٞ مِّمَّا يَجۡمَعُونَ [الزخرف: 32].

ومن مفاسد الحسد: أنه يبعث على قتل النفوس والقطيعة، كما حصل لابن آدم الذي قتل أخاه حسدًا، كما قال الله تعالى: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ قَالَ لَأَقۡتُلَنَّكَۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧ لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلظَّٰلِمِينَ ٢٩  إِنِّيٓ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7091)، ومسلم رقم (815).