×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

والحسد أيضًا: يقضي على الحسنات، فمهما كان عند الحاسد من حسنات وقربات وطاعات، فإن الحسد يأكلها ويتلفها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» ([1])، أَوْ قَالَ: «الْعُشْبَ»، فكيف يتعب الإنسان بالأعمال الصالحة والطاعات، ثم يسلط عليها الحسد فيأكلها؟ فيبقي معدمًا، يلقى الله سبحانه وتعالى بلا حسنات.

ومن آفات الحسد: أن الحاسد يبقي دائمًا في هم وغم؛ لأنه لا يزال يرى نعم الله تنزل على عباده، وهو يريد أن يمنعها ولا يريد أن تصل إلى عباد الله نعمة من النعم، وإنما يريد أن يحتكرها ويختص بها،﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَخۡتَصُّ بِرَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ [البقرة: 105]، فلا يزال الحاسد في هموم وغموم وأحزان، إلا أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، ويستعيذ بالله من هذا الخلق الذميم.

فالحاسد لا يزال مهمومًا مغمومًا، لا يزال في كد ونكد؛ لأن نعم الله تتوالى على عباده، وهو لا يريد أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فعلى من ابتلي بداء الحسد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يسأل الله من فضله، فإن الله ذو فضل عظيم.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿وَلَا تَتَمَنَّوۡاْ مَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بِهِۦ بَعۡضَكُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبُواْۖ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا ٱكۡتَسَبۡنَۚ وَسۡ‍َٔلُواْ ٱللَّهَ مِن فَضۡلِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗا [النساء: 32].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

***


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4903)، وابن ماجه رقم (4210)، وعبد بن حميد رقم (1430).