×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الخامس

والمحدثات، ولا يقبل من الصدقات «إِلاَّ مَا كَانَ طَيِّبًا» أي: من كسب حلال، ثم ذكر صلى الله عليه وسلم مثالاً لذلك، ذكر رجلاً اجتمعت فيه صفات إجابة الدعاء، إلا أنه لم يستجب له، فهو يطيل السفر، وذلك من أسباب قبول الدعاء؛ لما يمسه من التعب، ولما يمسه من الجوع، وكذلك أيضًا ظهرت عليه مظاهر البؤس فهو «أَشْعَثَ أَغْبَرَ» فهو محل للعطف والرحمة «يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ» وهذا من الإلحاح على الله سبحانه وتعالى، فمد اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ويلح على ربه بصفة من أعظم صفاته، وهي الربوبية ويتوسل إليه بها: «يَا رَبِّ يَا رَبِّ»، ويكرر ذلك، فكل هذه الصفات من أسباب الإجابة، ولكن حال دون قبول دعائه مانع خطير، وهو أنه كان يتغذى بالحرام أكلاً ومشربًا وملبسًا، فكان ذلك مانعًا من قبول دعائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فهذا حديث عظيم، يبين لنا أن الله سبحانه لا يقبل الدعاء ممن يأكل الحرام، وإذا لم يقبل دعاؤه عند الله سبحانه، فماذا تكون حاله؟ لأن أحدًا لا يستغني عن الله سبحانه وتعالى طرفةً عين، وهذا حائل حال بينه وبين ربه، وهو أكل الحرام واستعماله، والحرام في هذا الزمان قد انتشر بين الناس، إلا من رحم الله، وتساهل الناس في أخذ الحرام، كما جاء في الحديث: «إن من علامات الساعة أن الرجل في آخر الزمان لا يبالي أخذ المال من حلال أو من حرام»، فهذه مصيبة عظيمة.

ومن أعظم أنواع الحرام، التي فشت في هذا الزمان وعمت -إلا من رحم الله- أكل الربا، الذي حرمه الله وتوعد عليه بأشد الوعيد، وآذن من أكله بالحرب، وتوعده بأشد العقوبات، مما لا يخفى على كل من يقرأ القرآن أو يسمع القرآن.


الشرح